للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رضي الله عنه يصلي بهم فيقصر فإذا سلّم التفتَ فقال: "أتمّوا يا أهل مكّة، فإنّا قوم سَفر".

ولم ينقل عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مثل ذلك لاشتهار ذلك عنه - صلى الله عليه وسلم -، فصار إتمام الصلاة للمقيمين من العلم الظاهر العام.

قال الخطّابي في "معالمه" (٢/ ٤١٥): "حدثني إسماعيل بن محمد بن خشك بن محرز، حدثنا سلمة بن شبيب، قال: قال الوليد بن مسلم: وافيت مكة وعليها محمد بن إبراهيم، وقد كتب إليه أن يقصر الصلاة بمنى وعرفة، فقصر، فرأيت سفيان الثوري قام فأعاد الصلاة، وقام ابن جريج فبني على صلاته فأتمّها. قال الوليد: ثم دخلتُ المدينة، فلقيت مالك بن أنس فذكرت له ذلك، وأخبرته بفعل الأمير وفعل سفيان وابن جريج؟ فقال: أصاب الأمير وأخطأ ابن جريج. ثم قدمت الشام فلقيت الأوزاعي، فذكرت له ذلك، فقال: أصاب مالك، وأصاب الأمير، وأخطأ سفيان وابن جريج. قال: ثم دخلت مصر فلقيت الشافعي، فذكرت ذلك له، فقال: أخطأ الأمير، وأخطأ مالك، وأخطأ الأوزاعي، وأصاب سفيان، وأصاب ابن جريج".

وقال: "أما ابن جريج فإنما بني على صلاته؛ لأنّ من مذهبه أن المفترض يجوز له أن يصلي خلف المتنفّل، وأعاد سفيان الصلاة؛ لأنه لا يرى للمفترض أن يصلي خلف المتنفِّل، وكانت صلاة الأمير عنده نافلة حين قصرها وهو مقيم بمكة واليا عليها، فاستأنف سفيان صلاته، وكذلك مذهب أصحاب الرأي في هذا "انتهي.

وذهب مالك والأوزاعي وإسحاق إلى أنّ الإمام إذا قصر قصروا معه، وسواء في ذلك أهل مكة وغيرهم.

وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: هل قصْرُ الصّلاة لأهل مكة في المشاعر خاص بالحجّاج فقط أم يشمل حتى الباعة منهم وغيرهم ممن يوجدون في المشاعر من غير حج؟ .

فأجاب بقوله: المشهور عند العلماء أنّ هذا القصر خاص بالحجاج من أهل مكة فقط على قول من أجازه لهم.

أما الجمهور فيرون أن أهل مكة لا يقصرون ولا يجمعون لأنهم غير مسافرين وعليهم أن يتمّوا كلّهم ويصلّوا الصّلاة في أوقاتها.

ولكن من أجازه للحجّاج فهو خاص بالحجّاج فقط من أهل مكة وهو الأصحّ؛ لأنّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرهم بالإتمام.

أما الباعة ونحوهم ممن لم يقصد الحجّ فإنه يتم ولا يجمع كسائر سكان مكة.

• عن ابن عمر، قال: صَلَّى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم - بِمِنًى صَلاةَ الْمُسَافِرِ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ ثَمَانِيَ سِنِينَ أَوْ قَالَ سِتَّ سِنِينَ.

قَالَ حَفْصٌ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَأْتِي فِرَاشَهُ، فَقُلْتُ: أَيْ عَمِّ، لَوْ صَلَّيْتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>