للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان يقف بعرفات قبل نزول الآية.

وفيه دليل لقوله: "ما ذاك إلا توفيقًا من الله" أي تقريرًا من الله سبحانه وتعالى لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قال جبير بن مطعم: "فلما أسلمت علمتُ أن الله وفّقه لذلك".

هكذا رواه إسحاق بن راهويه عن الفضل بن موسى، عن عثمان بن الأسود، عن عطاء، أن جبير بن مطعم قال: "أضللت حمارًا لي في الجاهلية فوجدته بعرفة، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقفًا بعرفات مع الناس، فلما أسلمتُ علمت أن الله وفقه لذلك". انظر الفتح (٣/ ٥١٦).

• عن ابن عباس قال: يطوفُ الرّجلُ بالبيت ما كان حلالًا حتى يهلّ بالحجّ، فإذا ركب إلى عرفةَ فمن تيسر له هَديَّةٌ من الإبل أو البقر أو الغنم، ما تيسر له من ذلك، أيَّ ذلك شاء، غير أنه إن لم يتيسر له فعليه ثلاثةُ أيّام في الحجّ، وذلك قبل يوم عرفة، فإن كان آخر يوم من الأيام الثلاثة يومَ عرفة فلا جناح عليه، ثم لِينطلقْ حتى يقف بعرفات من صلاة العصر إلى أن يكون الظلام، ثم لِيدفعوا من عرفات إذا أفاضوا منها حتى يبلغوا جَمْعًا الذي يبيتون به، ثم ليذكرِوا الله كثيرًا، وأَكْثِرُوا التكبير والتهليل قبل أن تُصبحوا، ثم أفيضوا فإن الناس كانوا يُفيضون، وقال الله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ١٩٩] حتى تَرْمُوا الجمرة.

صحيح: رواه البخاريّ في التفسير (٤٥٢١) عن محمد بن أبي بكر، حدّثنا فضيل بن سليمان، حدثنا موسى بن عقبة، أخبرني كريب، عن ابن عباس، فذكره.

وأما قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [سورة البقرة: ١٩٩] فظاهر سياق الآية أنها الإفاضة من المزدلفة؛ لأنّها ذكرت بلفظ "ثم" بعد ذكر الأمر بالذكر عند المشعر الحرام، فأجاب بعضُ المفسّرين بأنّ الأمر بالذّكر عند المشعر الحرام بعد الإفاضة من عرفات التي سيقت بلفظ الخبر لما ورد منه على المكان الذي تشرع الإفاضة منه، فالتقدير: فإذا أفضتم اذكروا ثم لتكن إفاضتكم من حيث أفاض الناس لا من حيث كان الحمس يفيضون. أو التقدير: فإذا أفضتم من عرفات إلى المشعر الحرام فاذكروا الله عنده، ولتكن إفاضتكم من المكان الذي يفيض فيه الناس غير الحمس.

واختار الطّحاويّ أن "ثم" بمعنى الواو، وليس للترتيب، فيكون معناه لقصد التأكيد لا لمحض الترتيب. والمعنى: فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام، ثم اجعلوا الإفاضة التي تفيضون منها من حيث أفاض الناس يعني من عرفات لا من حيث كنتم تفيضون في الجاهلية من المزدلفة، وقيل غير ذلك. انظر "الفتح".

<<  <  ج: ص:  >  >>