فقول علي بن المبارك: "غير رجلين: رجل من الأنصار، ورجل من قريش" لم يأت في خبر آخر صحيح.
وأمّا ما ذكر في مسند الإمام أحمد: عثمان وأبو قتادة فهما غير محرمين أصلا، ليسا ممن شكّ فقصر فتنبّه.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن جابر بن عبد الله يقول: حلق رسول الله يوم الحديبية، وحلق ناس كثير من أصحابه حين رأوه حلق، وأمسك آخرون. فقالوا: والله! ما طفنا بالبيت فقصروا: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يرحم الله المحلِّقين". فقال رجل: والمقصّرين يا رسول الله؟ قال: "رحم الله المحلقين". فقال رجل: والمقصرين يا رسول الله؟ "يرحم الله المحلِّقين". فقال رجل: والمقصّرين يا رسول الله؟ قال: "والمقصرين".
رواه الطّحاويّ في "شرح مشكله" (١٣٦٧) من طريق زمعة بن صالح، عن زياد بن سعد، عن أبي الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول (فذكره).
وزمعة بن صالح الجنديّ اليماني أبو وهب ضعيف عند جماهير أهل العلم. قال ابن حبان: "كان رجلًا صالحًا يهم ولا يعلم، ويخطئ ولا يفهم حتى غلب في حديثه المناكير التي يرويها عن المشاهير" "المجروحين".
وفيه بيان لمعنى الشّك.
وفي الباب ما روي أيضًا عن حُبشي بن جنادة -وكان ممن شهد حجّة الوداع- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم! اغفر للمحلّقين" قالوا: يا رسول الله، والمقصرين؟ قال: اللهم! اغفر للمحلّقين" قالوا: يا رسول الله، والمقصرين؟ قال: "اللهم! اغفر للمحلّقين" قالوا: يا رسول الله: والمقصِّرين؟ قال -في الثالثة-: "والمقصِّرين".
رواه الإمام أحمد (١٧٥٠٧)، والطبراني في الكبير (٤/ ١٨) كلاهما من حديث إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حبشي بن جنادة، قال (فذكره).
وأبو إسحاق مدلس ومختلط، ويقال: إنه لم يسمع من حبشي بن جنادة، ففيه انقطاع.
وفي الباب ما رُوي عن قارب قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اللهم! اغفر للمحلقين" قال رجل: والمقصرين. قال في الرابعة: "والمقصرين".
رواه الإمام أحمد (٢٧٢٠٢) عن سفيان، عن إبراهيم بن ميسرة، عن ابن قارب، عن أبيه، قال: فذكره.
ويُقَلِّلُه سفيان بيده قال سفيان: وقال في تيك كأنه يوسع يده.
وابن قارب هو عبد الله وقد حج مع أبيه، وله ولأبيه صحبة ولكن فيه انقطاع، فإن إبراهيم بن ميسرة لم يسمع منه، وإنما سمعه من ولده وهب كما في الرواية الآتية.