شيء إلّا النساء. فقال رجل: يا ابن عباس، والطيب؟ فقال: أما أنا فقد رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُضمّخ رأسه بالمسك، أفطيب ذلك أم لا؟ ".
رواه النسائيّ (٣٠٨٤)، وابن ماجه (٣٠٤١)، والإمام أحمد (٢٠٩٠، ٣٢٠٤، ٣٤٩١)، والبيهقيّ (٥/ ٢٠٤) كلّهم من طرق، عن سلمة بن كهيل، عن الحسن العرني، عن ابن عباس، فذكره.
والحسن العرني لم يسمع من ابن عباس، بل لم يدركهـ كما قال أبو حاتم، كما اختلف في رفعه ووقفه، والصّحيح أنه موقوف مع انقطاع فيه. انظر للمزيد من التخريج في "المنة الكبرى" (٤/ ٢٨١).
فقه الباب:
يستفاد من أحاديث هذا الباب أنّ التحلل الأول يحصل بمجرد رمي جمرة العقبة، وهي رواية عبد الله، عن أبيه أحمد كما في مسائل الإمام أحمد (ص ٢٤١)، وهي رواية ابن منصور عنه أيضًا. وبه قال أيضًا الشافعي في الأم (١/ ٢٢١).
والدّليل عليه حديث ابن عباس: "إذا رميتم الجمرة فقد حلّ لكم كلّ شيء". وكذلك في حديث عائشة عند أبي داود، وهو ضعيف كما مضى.
والرواية الثانية عند الإمام أحمد: التحلل الأوّل يحصل بالرّمي والحلق. قال القاضي: وهي أصح الروايتين، ورجّح ابن قدامة الرواية الأولى. انظر: "المغني" (٣/ ٣٩٣).
وعند الشافعية المذهب الذي يفتي به أنّ التحلل يحصل باثنين من الثلاثة، وقيل بالاثنين من الأربعة، وهي: الرمي والحلق والذبح والطواف. قاله النووي في "المجموع" (٨/ ٢٣١).
وإن قدّم الحاج طواف الإفاضة على الرّمي والحلق أو التقصير فلا تحل له النساء، فإن الطواف وحده لا يكفي، ولا بد من رمي الجمرة يوم العيد والحلق أو التقصير، والسعي إن كان عليه السعي.
فإنه لا بد من اجتماع الثلاثة لحلّ جماع النساء، كذا في فتاوي سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالي.
وأما أبو حنيفة فعنده لا يحصل التحلل الأول إلا باجتماع الثلاثة، وهي: الرمي والذبح والحلق أو التقصير، كما قرّره الجصّاص.
وأما مالك فيرى أنّ التحلّل يحصل بمجرد الرّمي إلا أنه يحرم عليه الطبيب والنساء، وقد سبق أن ردّت عائشة على عمر في منع الطيب.
وسبب الخلاف في هذا أن أحاديث هذا الباب متعارضة في ظاهرها، فكلٌّ أخذ بما وصل إليه، وترك ما يخالفه، ومنهم من جمع بينها، فأخذ بمجموعها مثل الإمام أحمد رحمه الله تعالي.
انظر مزيدًا من التفصيل في "المنة الكبرى" (٤/ ٢٧٨ - ٢٧٩).