(فذكره). وهذا إسناد حسن" انتهى.
قلت: عزوه حديث سويد بن سعيد إلى أحمد وهم منه.
كما تعقّب الحافظ في "التلخيص" الدّمياطي فقال: غفل عن أن مسلمًا أخرج لسويد ما توبع عليه، ولا ما انفرد، فضلًا عمّا خولف فيه".
والخلاصة في حديث جابر أنه حسن بمجموع هذه الطرق.
• عن ابن عباس، قال: سقيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - من زمزم فشرب قائمًا، واستسقى وهو عند البيت.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (١٦٣٧)، ومسلم في الأشربة (٢٠٢٧: ١٢٠) كلاهما من طريق عاصم، عن الشعبيّ، عن ابن عباس، فذكره. واللفظ لمسلم.
وعاصم هو الأحول وقال: فحلف عكرمة ما كان يومئذ إلا على بعير. كذا ذكره البخاريّ دون مسلم وعند ابن ماجه (٣٤٢٢): "فذكرت ذلك لعكرمة، فحلف بالله ما فعل".
قلت: إنكار عكرمة هذا عجيب منه؛ لأن ابن عباس يصرّح بأنه سقى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فشرب قائمًا، فهل يريد أن يكذب ابن عباس! .
مع أنه يمكن الجمع بين قوله: "كان يومئذ على بعير"، وبين قول ابن عباس بأنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعدما انتهى من الطواف أناخ ناقته فجعل المقام بينه وبين البيت، فصلى ركعتين كما ذكره جابر في صفة حجة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وعكرمة نفسه ذكر هذا عن ابن عباس، قال: "إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم مكة وهو يشتكي، فطاف على راحلته، كلما أتى الركن استلم الركن بمحجن، فلما فرغ من طوافه أناخ فصلى ركعتين".
رواه أبو داود (١٨٨١) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن عكرمة.
ويزيد بن أبي زياد هو الهاشميّ مولاهم ضعيف. فلعله شرب زمزم بعد ذلك وهو قائم.
وقد أشار علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرب قائمًا، وذلك عندما قعد في حوائج الناس في رحبة الكوفة ... فشرب وهو قائم، ثم قال: إنّ ناسًا يكرهون الشرب قائمًا، وإنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صنع مثل ما صنعتُ". رواه البخاريّ في الأشربة (٥٦١٦).
ولكن هل الشرب قائمًا خاص بماء زمزم؟ فالظّاهر من فعل علي بن أبي طالب أنه ليس خاصًا بماء زمزم، ولم أقف على قول أهل العلم في استحباب شرب ماء زمزم قائمًا.
فماء زمزم وغيره من الماء سواء في شربه قائمًا وقاعدًا.
وأما النهي الوارد عن شرب الماء قائمًا، فهو للتنزيه لا للتحريم، كما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى.