• عن عائشة، قالت: أفاض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من آخر يومه حين صلّى الظهر، ثم رجع إلى مني فمكث بها ليالي أيام التشريق، يرمي الجمرة إذا زالت الشمس كلّ جمرة بسبع حصيات يكبِّر مع كلّ حصاة، ويقف عند الأولى والثانية فيطيل القيام، ويتضرّع، ويرمي الثالثة، ولا يقف عندها.
حسن: رواه أبو داود (١٩٧٣) من طرق عن أبي خالد الأحمر، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، فذكرته.
ورواه الإمام أحمد (٢٤٥٩٢)، وصحّحه ابن خزيمة (٢٩٥٦)، وابن حبان (٣٨٦٨)، والحاكم (١/ ٤٧٧ - ٤٧٨) كلّهم من طريق محمد بن إسحاق، بإسناده، مثله.
قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم".
قلت: وذلك على مذهبه، وإلا فمحمد بن إسحاق ليس على شرط مسلم، وإنما رواه عنه مقرونًا، ثم هو مدلس ولكنه صرّح في رواية ابن حبان.
وفي الباب ما رُوي عن ابن عباس، قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرمي الجمار إذا زالت الشمس".
رواه الترمذيّ (٨٩٨) عن أحمد بن عبدة الضّبيّ البصريّ، حدّثنا زياد بن عبد الله، عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، فذكره.
قال الترمذيّ: "حسن".
قلت: فيه الحجاج وهو ابن أرطاة ضعيف مدلس ضعّفه النسائي وغيره.
ومن طريقه رواه أيضًا الإمام أحمد (٢٢٣١)، ورواه ابن ماجه (٣٠٥٤) من وجه آخر عن الحكم، ولكن فيه شيخه جبارة بن المغلس ضعيف، وشيخه إبراهيم بن عثمان بن أبي شيبة متروك.
وفي أحاديث الباب دليل على أنّ السنة أن يرمي الجمار في غير يوم النحر بعد الزوال. وبه قال جمهور أهل العلم من الأئمة الأربعة وغيرهم.
وقال عطاء وطاوس: يجوز قبل الزوال.
ورخّص الحنفية الرّمي في يوم النّفر قبل الزوال، وبه قال أيضًا إسحاق. انظر: الفتح (٣/ ٥٨٠).
وروي ذلك عن ابن عباس أيضًا: قال: إذا انتفخ النّهار من يوم النّفر الآخر فقد حلّ الرّمي والصّدر. رواه البيهقيّ (٥/ ١٥٢).
وقال: "وفيه طلحة بن عمرو المكي ضعيف".
وفي رواية عند الحنفية جواز الرمي في أيام التشريق كلها قبل الزوال قياسًا على رمي يوم النحر.
انظر: البدائع (٢/ ١٣٧ - ١٣٨)، والمجموع للنووي (٨/ ٢٨٢).
وانظر للمزيد: "المنة الكبرى" (٤/ ٣٢٥ - ٣٢٦).