وفي الباب أيضًا عن أبي حرة الرّقاشيّ، عن عمّه قال: كنت آخذا بزمام ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أوسط أيام التشريق أذود عنه الناس فقال - صلى الله عليه وسلم -: فذكر خطبته الطويلة فيها حرمة البلد الحرام، ووضع ربا الجاهلية، وأن لا ترجعوا بعده كفّارًا، والتوصية بالنّساء خيرًا وغيرها من الفقرات التي ثبتت متقطعًا في الخطب الأخرى.
رواه الإمام أحمد (٢٠٦٩٥) عن عفان، حدّثنا حماد بن سلمة، أخبرنا علي بن زيد، عن أبي حرة الرقاشي، فذكره.
وعلي بن زيد هو ابن جدعان المنسوب إلى أحد أجداده الأعلى، الأئمّة متفقون على تضعيفه إلّا أنّ الترمذي كان حسن الرّأي فيه، فقال:"صدوق". والحقّ أنه ضعيف وكذا قاله أيضًا الحافظ في التقريب.
وقد أخرج أبو داود (٢١٤٥)، والدارمي (٢٥٣٤)، وأبو يعلي (١٥٧٠) وغيرهم قِطَعًا من هذه الخطبة من طرق، عن حماد بن سلمة.
وفي الباب عن عمرو بن الأحوص: أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأثنى عليه وذكّر ووعظ ثم قال:"أيُّ يوم أحرم؟ أيّ يوم أحرم؟ أيُّ يوم أحرم؟ ". قال: فقال النّاس: يوم الحج الأكبر يا رسول الله، قال:"فإنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، ألا لا يجني جان إلا على نفسه ولا يجني والد على ولده، ولا ولد على والده، ألا إنّ المسلم أخو المسلم فليس يحل لمسلم من أخيه شيء إلا ما أحلّ من نفسه ألا وإن كلّ ربا في الجاهليّة موضوع، لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون غير ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كلّه، ألا وإن كلّ دم كان في الجاهلية موضوع وأوّل دم أضع من دماء الجاهليّة دم الحارث بن عبد المطلب -كان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل-، ألا واستوصوا بالنّساء خيرًا، فإنما هنّ عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربًا غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا، ألا إنّ لكم على نسائكم حقًّا ولنسائكم عليكم حقًّا، فأمَّا حقُّكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم من تكرهون، ألا وإن حقهنّ عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن".
رواه الترمذيّ في مواضع: منها في التفسير (٣٠٨٨) بهذا اللّفظ، ومنها في الرضاع (١١٦٣)، ومنها في الفتن (٢١٥٩).
وكذلك ابن ماجه في موضعين (١٨٥١)، و (٣٠٥٥)، وأبو داود (٣٣٣٤) مختصر جدًا -كلّهم من حديث الحسين بن علي، عن زائدة، عن شبيب بن غرقدة البارقيّ، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص، قال: حدّثني أبي أنه شهد حجّة الوداع، فذكره.