للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن معمر، عن الزهريّ، أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعثمان بن طلحة يوم الفتح: "ائتني بمفتاح الكعبة"، فأبطأ عليه، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم ينتظره، حتى أنه ليتحدّر منه مثل الجمان من العرق، ويقول: "ما يحبسه؟ ". فسعى إليه رجل، وجعلت المرأة التي عندها المفتاح -قال: حسبته قال: إنّها أمّ عثمان- تقول: إنّه إنْ أخذه منكم لم يعطِكُموه أبدًا، فلم يزل بها حتى أعطتْه المفتاح، فأتي به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ففتح النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - البيت، ثم خرج والناس عنده، فجلس عند السّقاية، فقال عليٌّ: لئن كنّا أوتينا النبوة، وأعُطينا السّقاية، وأعطينا الحجابة، ما قوم بأعظم نصيبًا منا، قال: فكأنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كره مقالته، ثم دعا عثمان بن طلحة، فدفع إليه المفتاح، وقال: "غيّبه".

فحدثتُ به ابن عيينة، فقال: أخبرني ابن جريج عن ابن أبي مليكة، أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي يومئذ -حين كلّمه في المفتاح-: إنّما أعطيتكم ما تُرْزَءُون، ولم أعطِكم ما تُرْزَءُون، يقول: أعطيتكم السّقاية لأنّكم تَغْرمون فيها، ولم أعطكم البيت، أي أنهم بأخذه يأخذون من هديته، قول عبد الرزّاق. إلّا أنه مرسل.

وقوله: "تُرْزَءُون" بصيغة المجهول - وتفسيره كما قال عبد الرزاق: إنّ أموالكم تنقص بسبب السّقاية، وأنتم تتحمّلون هذا وفيه إظهار لفضل بني هاشم.

وقوله: "تَرْزَءُون" أي تنقصون أموال الناس بسبب هداياهم؛ لأنّ من يلي الحجابة يُهدى إليه.

وفي مصنف عبد الرزاق (٩٠٧٦) عن بعض أصحابنا، عن ابن جريج، قال: حدثني ابن أبي مليكة، قال: دعا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عثمان بن طلحة يوم الفتح بمفتاح الكعبة، فأقبل به مكشوفًا، حتى دفعه إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال العباس: يا نبي الله، اجمع لي الحجابة مع السقاية؟ ونزل الوحي على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ادعوا لي عثمان بن طلحة" فدُعي له، فدفعه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إليه، وستر عليه، قال: فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوّل من ستر عليه. ثم قال: "خذوه يا بني طلحة لا ينتزعه منكم إلّا ظالم". وهو مرسل.

وفي رواية عن ابن عباس: "خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم" يعني حجابة الكعبة. رواه الطبراني في الكبير (١١/ ١٢٠). وفيه عبد الله بن المؤمل ضعيف الحديث.

وبقية الأحاديث بمعناه ستأتي في فضائل مكة وأخبارها.

وأما قول ابن عمر: "ونسيت أن أسأله كم صلَّى؟ " فقد استشكل كثير من أهل العلم رواية نافع هذه؛ لأنه جاء في رواية مجاهد عنه -كما سبق- أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صلَّى ركعتين.

فمنهم من مال إلى تغليط يحيى بن سعيد القطَّان عن سيف عن مجاهد، وهو القاضي عياض.

قال الحافظ ابن حجر: "وهذا مردود، والمغلِّط هو الغالط؛ لأنّ فيه من الإقدام على تغليط جبل من جبال الحفظ". ثمّ بيّن أنّ يحيى القطان، وشيخه سيف، وشيخه مجاهد كلّهم لم ينفردوا بذلك.

ومنهم من حاول الجمع كالحافظ ابن حجر، إلّا أني لم أجد في هذا الجمع ما يشفي، وبعضها هو نفسه أبعده، وممّا أبعده بأنّ ابن عمر نسي أن يسأل بلالًا، ثم لقيه مرة أخرى فسأله.

<<  <  ج: ص:  >  >>