أنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال، فإن رضيت فأمسك، وإن سخطت فارددها على صاحبها".
حسن: رواه ابن ماجه (٢٣٥٥) عن أبي بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الأعلى، عن محمد ابن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حبان، قال: هو جدي منقذ بن عمرو -وكان رجلا قد أصابته أَمَّةٌ في رأسه، فذكره.
ومحمد بن إسحاق مدلس، ولكن جاء التصريح منه في سماع هذه القصة من محمد بن يحيى بن حبان في مواضع، كما أن محمد بن يحيى بن حبان تابعي، لم يدرك قصة جده، ولكن روي من أوجه تشير إلى أنه سمعها من غيره، عن جده، وتفصيل ذلك ما رواه أحمد (٦١٣٤) والدارقطني (٣٠١١) كلاهما من حديث محمد بن إسحاق، حدثنا نافع أن عبد الله بن عمر حدثه أن رجلا من الأنصار كان بلسانه لوثة، وكان لا يزال يغبن في البيوع، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر ذلك له، فقال: "إذا بعت فقل: لا خلابة" مرتين، واللفظ للدارقطني.
وهذا الرجل المبهم من الأنصار هو منقذ بن عمرو كما في الرواية التي ساقها الدارقطني، عطفا على الرواية السابقة، فقال: قال محمد (يعني: ابن إسحاق)، وحدثني محمد بن يحيى بن حبان، قال: هو جدي منقذ بن عمرو، وكان رجلا قد أصابته أَمَّة في رأسه، فكسرت لسانه ونزعت عقله، وكان لا يدع التجارة، ولا يزال يغبن، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر ذلك فقال: "إذا بايعت، فقل: لا خلابة، ثم أنت في كل سلعة تبتاعها بالخيار ثلاث ليال، فإن رضيت فأمسك، وإن سخطت فارددها على صاحبها"، وقد كان عُمِّرَ عمرا طويلا، عاش ثلاثين ومائة سنة، وكان في زمن عثمان ابن عفان -رضي الله عنه- حين فشا الناس وكثروا، يبتاع البيع في السوق، ويرجع به إلى أهله وقد غُبِنَ غبنا قبيحا، فيلومونه، ويقولون: لِمَ تبتاعُ؟ فيقول: فأنا بالخيار إن رضيت أخذت، وإن سخطت رددت، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعلني بالخيار ثلاثا، فيرد السلعة على صاحبها من الغد وبعد الغد، فيقول: والله لا أقبلها، قد أخذت سلعتي، وأعطيتني دراهم، قال: يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد جعلني بالخيار ثلاثا، فكان يمر الرجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيقول للتاجر: ويحك إنه قد صدق، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد كان جعله بالخيار ثلاثا.
وفيه تصريح لمحمد بن إسحاق كما أن محمد بن يحيى بن حبان سمع الزبير، فيكون الإسناد متصلا. ورواه ابن أبي شيبة (٣٧٤٨١) عن عباد بن العوام، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حبان، قال: إنما جعل ابن الزبير عهدة الرقيق ثلاثة لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمنقذ بن عمرو: "قل: لا خلابة، إذا بعت بيعا، فأنت بالخيار ثلاثا".
فكان محمد بن إسحاق يروي مرة مختصرا، وأخرى مطولا، كما أن ابن عمر يروي مرة بالقصة وأخرى بدونها.