للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث نعيم بن حمّاد، ثنا عثمان بن كثير بن دينار، عن محمد بن مهاجر، عن عروة بن رُويم، عن عبد الرحمن بن غنم، عن عبادة بن الصَّامت، فذكره.

وإسناده حسن من أجل الكلام في نعيم بن حمّاد فإنه مختلف فيه، وقد تتبّع ابنُ عدي في "الكامل" (٧/ ٢٤٨٢ - ٢٤٨٥) ما أُنكر على نعيم بن حمّاد، ولم يذكر فيها هذا الحديث وقال: "عامة ما أُنكر عليه هو هذا الذي ذكرته، وأرجو أن يكون باقي حديثه مستقيمًا".

وبقية رجال الإسناد بين ثقة وصدوق.

وحسّنه أيضًا شيخ الإسلام ابن تيمية في "العقيدة الواسطية".

وأما قول الهيثميّ في "المجمع" (١/ ٦٠): "ورواه الطبرانيّ في الأوسط والكبير، وقال: تفرّد به عثمان بن كثيره، وقال الهيثميّ: "ولم أرَ من ذكره بثقة ولا جرح".

قلت: عثمان بن كثير وهو ابن دينار لعلّه عثمان بن سعيد بن دينار القرشيّ الحمصيّ، وهو ثقة من رجال السنن، إِلَّا أنّ المزيّ وبعده الحافظ لم يذكراه من شيوخ نعيم بن حمّاد، ولكن ذكر من شيوخ عثمان بن سعيد بن دينار (محمد بن مهاجر الأنصاريّ)، فإن كان هو عثمان بن سعيد بن دينار فهو ثقة، وإلّا فلا أعرف راويًا اسمه عثمان بن كثير بن دينار؛ ولذا ضعَّفه بعضُ أهل العلم، واللَّه تعالى أعلم.

وأمّا الحديث فقد حسَّنتُه؛ لأنّ نعيم بن حمّاد لم يأت فيه بشيء يُنكر عليه، ولم يذكره ابنُ عدي كما مضى، بل فيه ما يؤيّده ما جاء في الكتاب والسنة.

وأما المعية في قوله تعالى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [سورة الحديد: ٤] أي هو محيط بكم علمًا وقدرةً، وتدبيرًا وسلطانًا مع علوه على عرشه فوق جميع خلقه.

قال معدان عابد: سألت سفيان الثوريّ عن قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ} فقال: "علمه".

وقال الضّحّاك في قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى} [سورة المجادلة: ٧] قال: "هو اللَّه عَزَّ وَجَلَّ على العرش وعلمه معهم". انظر: الأسماء والصّفات (٢/ ٣٤١ - ٣٤٢).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللَّه تعالى: "وذلك أن كلمة (مع) في اللغة إذا أطلقت فليس ظاهرها في اللغة إِلَّا المقارنة المطلقة، من غير وجوب مماسة أو محاذاة عن يمين أو شمال، فإذا قيدت بمعنى من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى. فإنه يقال: ما زلنا نسير والقمر معنا أو والنجم معنا. ويقال: هذا المتاع معي، لمجامعته لك، وإن كان فوق رأسك. فاللَّه مع خلقه حقيقة، وهو فوق عرشه حقيقة.

ثم هذه "المعية" تختلف أحكامها بحسب الموارد، فلما قال: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} منها إلى قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [سورة الحديد: ٤] دلّ ظاهر الخطّاب على أن حكم هذه المعيّة ومقتضاها أنه مطلع عليكم، شهيد عليكم، ومهيمن عالم بكم. وهذا معنى قول السلف: أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>