علمائهم أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قطع لبلال بن الحارث معادن القبلية، وهي من ناحية الفرع، فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزّكاة إلى اليوم.
قال الشافعي: "ليس هذا مما يثبت أهل الحديث، ولو ثبتوه لم تكن فيه رواية عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا إقطاعه، فأما الزّكاة في المعادن دون الخمس فلست مروية عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيه".
قال البيهقي (٤/ ١٥٢) بعد ما نقل كلام الشافعي: هو كما قال الشافعي في رواية مالك، وقد روي عن عبد العزيز الدراوردي، عن ربيعة موصولا، ثم ذكر الموصول، كما سبق.
والخلاصة فيه أن إقطاع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لبلال بن الحارث صحيح ثابت من تعدد طرقه، وأكتفي بذكر بعضها، ولم يثبت أخذ الزّكاة من المعادن.
وقوله: "معادن القبلية من ناحية الفرع" الفرع بفتح الفاء، قرب سويقة في ديار جهينة.
وقوله: "جلسيها" يريد نجديها، ويقال لنجد جلس.
قال الأصمعي: وكل مرتفع جلس.
وقوله: "الغور" هو ما انخفض من الأرض.
يريد أنه أقطعه وهادها ورباها.
وقوله: "قدس" بضم القاف، وسكون الدال، جبل معروف. وقيل: هو الموضع المرتفع الذي يصلح للزراعة.
• عن ابن مسعود قال: لما قدم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- المدينة أقطع الدور، وأقطع ابن مسعود فيمن أقطع، فقال له أصحابه: يا رسول اللَّه، نَكِّبه عنا، قال: "فلم بعثني اللَّه إذا؟ إن اللَّه -عز وجل- لا يقدس أمة لا يعطون الضعيف منهم حقه".
حسن: رواه الطبراني في الكبير (١٠/ ٢٧٤) عن أبي خليفة الفضل بن الحباب، ثنا عبد الرحمن ابن سلام الجمحي، ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعدة، عن هبيرة بن يريم، عن ابن مسعود فذكره.
وإسناده حسن من أجل هبيرة بن يريم؛ فإنه حسن الحديث. ويريم على وزن عظيم.
قال الهيثمي في "المجمع" (٤/ ١٩٧): رجاله ثقات.
وقال ابن حجر في التلخيص (٣/ ٦٣): وإسناده قوي.
ورواه البيهقي (٦/ ١٤٥) من طريق الشافعي قال: أنبأنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن يحيى ابن جعدة قال: لما قدم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في المدينة أقطع النّاس الدور، فقال له حي من بني زهرة يقال لهم بنو عبد بن زهرة: نكب عنا ابن أم عبد، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكر الحديث. هكذا رواه مرسلا.
قال ابن حجر: "ولا يقال: لعل يحيى سمعه من ابن مسعود؛ فإنه لم يدركهـ، نعم وصله