وفي المسألة تفصيل، وهو أن قيمة الرهن إذا كانت قدر الحق يسقط بهلاكهـ الحق، وإن كانت قيمته أقل من الحق فبقدر قيمته من الحق يسقط، والباقي واجب على الراهن. وإن كانت أكثر من الحق يسقط الحق، ولا يجب ضمان الزيادة على المرتهن. وبه قال أصحاب الرأي.
ولعل من مستدلهم حديث أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الرهن بما فيه".
رواه الدارقطني (٣/ ٣٢) عن محمد بن مخلد، نا أحمد بن محمد بن غالب، نا عبد الكريم بن روح، عن هشام بن زياد، عن حميد، عن أنس، فذكره.
قال الدارقطني: "لا يثبت هذا عن حميد، وكل من بينه وبين شيخنا ضعفاء".
ورواه أيضًا بإسناد آخر، فقال: حدّثنا عبد الباقي بن قانع، نا عبد الرزاق بن إبراهيم، نا إسماعيل ابن أبي أمية، نا سعيد بن راشد، نا حميد الطويل، عن أنس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكر الحديث مثله.
قال الدارقطني: "إسماعيل هذا يضع الحديث، وهذا باطل عن قتادة، وعن حماد بن سلمة".
وقال ابن الجوزي في "التحقيق" (٤/ ١٢٠) مع "التنقيح": "وفي الإسناد سعيد بن راشد، قال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال ابن حبان: ينفرد عن الثقات بالمعضلات.
وفي الإسناد الأول هشام بن زياد، قال يحيى: ليس بشيء. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به.
وفيه عبد الكريم ضعفه الدارقطني. وقال أبو حاتم الرازي: مجهول.
وفيه أحمد بن محمد بن غالب وهو غلام الخليل كان كذابا يضع الحديث. وقال ابن عدي: كان غلام الخليل يقول: وضعنا أحاديث نرقق بها قلوب العامة. وقال الدارقطني: هو متروك". انتهى.
وفي معناه أيضًا ما روي عن أبي هريرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الرهن بما فيه". رواه البيهقي (٦/ ٤٠) من طريق حسان بن إبراهيم، عن يزيد بن إبراهيم التستري، عن عمرو بن دينار قال: قال أبو هريرة فذكره.
قال البيهقي: "أبو حازم تفرّد به حسان بن إبراهيم الكرماني، وهو منقطع بين عمرو بن دينار، وأبي هريرة".
ثم ذكر البيهقي حديث أنس، ونقل قول الدارقطني بأن فيه إسماعيل يضع الحديث. ثم قال: "والأصل في هذا الباب حديث مرسل، وفيه من الوهن ما فيه. ثم أسند عن مصعب بن ثابت قال: سمعت عطاء يحدث أن رجلا رهن فرسا، فنفق في يده، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- للمرتهن: "ذهب حقه". قال البيهقي: وقد كفانا الشافعي بيان وهن هذا الحديث". انتهى.
وهذا المرسل رواه أبو داود في مراسيله (١٧٦) ومن طريقه البيهقي، وفيه أيضًا مصعب بن ثابت، وهو ضعيف.