للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال البيهقيّ: "الحكم مجهول، غير محتجّ به في الصّحيح".

قلت: ليس بمجهول، لقد عرفه من كان قبله، ثم يشهد له ما يأتي.

• عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى}، و {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى}، {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} قال ابن عباس: قد رآه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

حسن: رواه الترمذيّ (٣٢٨٠) عن سعيد بن يحيى بن سعيد الأمويّ، حدثنا أبي، حدثنا محمد ابن عمرو، عن أبي سلمة، عن ابن عباس، فذكره. وقال: "حديث حسن".

ورواه أيضًا ابن خزيمة في التوحيد (٤٠٢)، وابن حبان في صحيحه (٥٧)، والبيهقيّ في الأسماء والصّفات (٩٣٣) كلّهم من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، بإسناده، مثله.

وإسناده حسن من أجل محمد بن عمرو فإنه حسن الحديث.

وكذا قال الذّهبيّ أيضًا في "العلو" (٢٥٥).

• عن ابن عباس قال: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} قال: رآه بقلبه.

حسن: رواه الترمذيّ (٣٢٨١)، وابن خزيمة في التوحيد (٣٩٤) كلاهما من طريق عبد الرزّاق، عن إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.

قال الترمذيّ: "حسن".

وأخرجه أيضًا اللالكائيّ (٩١٠، ٩١١) من أوجه عن سماك بإسناده، مثله.

وإسناده حسن من أجل سماك بن حرب.

وقد رُوي عنه أيضًا مرفوعًا: "رأيت ربي عزّ وجلّ" وهو مختصر من حديث الرّؤيا كما سيأتي.

وسبق القول فيه أنّه رأى ربَّه تبارك وتعالى بفؤاده مرَّتين.

فإذا جمعت هذه الرّوايات عن ابن عباس فتظهر منها أنّها كلّها موقوفة.

ولا يقال فيها أنّها في حكم الرّفع -إذ لا مجال في الاجتهاد فيه-؛ لأنّه استنبطه من الآيات القرآنية، ولو كان فيه شيء مرفوع إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لذكره في حالة السؤال والجواب.

لأنّه قد صحّ خلافه وهو قول عائشة: أنا أوّل هذه الأمّة سأل عن ذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "إنّما هو جبريل، لم أره على صورته التى خُلق عليها غير هاتين المرّتين، رأيته منهبطًا من السماء سادًّا عِظْم خلقه ما بين السماء والأرض". رواه مسلم كما سبق.

ثم هذه الرّوايات عن ابن عباس منها مطلقة، ومنها مقيّدة بالقلب والفؤاد، فحمل أهل العلم المطلقة على المقيّدة وجمعوا بين من أنكر رؤية النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لربّه كعائشة وغيرها، ومن أثبتها كابن عباس، فحملوا الإنكار على رؤية العين، والاثبات على رؤية القلب، وإليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الحافظ ابن القيم رحمهما اللَّه تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>