ورواه النسائي (٤٥٢٩) عن محمد بن عبد اللَّه بن يزيد قال: حدثنا سفيان بإسناده، وفيه: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وضع الجوائح".
ورواه ابن حبان (٥٠٣١) من حديث يحيى بن معين، عن ابن عيينة بإسناده، وفيه: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر بوضع الجوائح".
ورواه البيهقي (٥/ ٣٠٦) بعد أن ذكر قول الشافعي، كما مضى، قال: "وقد روي ذلك عن أبي الزبير، عن جابر. ثم رواه من طريق علي بن عبد اللَّه، عن سفيان، عن حميد بن قيس، عن سليمان بن عتيق، عن جابر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر بوضع الجوائح.
قال علي (ابن عبد اللَّه المديني): وقد كان سفيان حدثنا عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه وضع الجوائح. كذا أتى به سفيان". انتهى.
وبهذه الطرق تبين أن ما رواه سفيان في وضع الجوائح لا يشك فيه.
• عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ ".
صحيح: رواه مسلم في المساقاة (١٥٥٤: ١٤) عن أبي الطاهر، أخبرنا ابن وهب، عن ابن جريج أن أبا الزبير أخبره عن جابر بن عبد اللَّه فذكره.
• عن أبي سعيد الخدري قال: أصيب رجل في عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في ثمار ابتاعها، فكثر دينه، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تصدقوا عليه". فتصدق الناس عليه، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لغرمائه: "خذوا ما وجدتم، وليس لكم إِلَّا ذلك".
صحيح: رواه مسلم في المساقاة (١٥٥٦) عن قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث، عن بكير، عن عياض بن عبد اللَّه، عن أبي سعيد الخدري فذكره. لعله ابتاع الثمر قبل بدو صلاحها، فأصابته الجائحة.
وقد أخذ بهذه الأحاديث أحمد بن حنبل، وأبو عبيد، وجماعة من أصحاب الحديث، فقالوا: وضع الجائحة لازم للبيع.
قال الخطابي: "وأمره بوضع الجوائح عند أكثر الفقهاء أمر ندب واستحباب من طريق المعروف والإحسان، لا على طريق الوجوب والإلزام".
وقال: "واستدل من تأول الحديث على معنى الندب والاستحباب دون الإيجاب بأنه أمر حدث بعد استقرار ملك المشتري عليها، فلو أراد أن بيعها أو يهبها لمح ذلك منه فيها، وقد نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن "ربح ما لم يضمن" فإذا صح بيعها ثبت أنها من ضمانه، وقد نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، فلو كانت الجائحة بعد بدو الصلاح من مال البائع لم يكن لهذا النهي فائدة". انتهى.