احتج البخاري بالحسن عن سمرة". انتهى.
قلت: اختلف في سماع الحسن من سمرة، والصحيح أنه سمع منه مطلقا.
ولذا قال البيهقي: "هذا إسناد صحيح، ومن أثبت سماع الحسن البصري من سمرة بن جندب عده موصولا، ومن لم يثبته فهو مرسل جيد، يضم إلى مرسل سعيد بن المسيب، والقاسم بن أبي بزة، وقول أبي بكر الصديق". اهـ.
ومرسل سعيد بن المسيب هو ما رواه مالك (٢/ ٦٥٥) عن زيد بن أسلم، عن سعيد بن المسيب أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن بيع الحيوان باللحم.
وكذلك رواه أيضًا عن أبي الزناد، عن سعيد بن المسيب من قوله.
ومن طريق مالك رواه البيهقي (٥/ ٢٩٧).
قال ابن عبد البر: "لا أعلم هذا الحديث يتصل من وجه ثابت من الوجوه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-".
وكذا قال أيضًا البيهقي: "هذا هو الصحيح. ورواه يزيد بن مروان الخلال، عن مالك، عن الزهري، عن سهل بن سعد، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وغلط فيه".
وحديث يزيد بن مروان رواه ابن عبد البر، والدارقطني، وأبو نعيم، وغيرهم. قال ابن عبد البر: وهذا إسناد موضوع، لا يصح عن مالك، ولا أصل له من حديثه".
ويزيد بن مروان هذا كذاب، كما قال ابن معين.
وأما مرسل القاسم بن أبي بزة فرواه البيهقي (٥/ ٢٩٦ - ٢٩٧) من طريق الشافعي، أنا مسلم عن ابن جريج، عن القاسم بن أبي بزة قال: قدمت المدينة، فوجدت جزورا قد جزرت، فجزئت أربعة أجزاء، كل جزء منها بعناق. فأردت أن أبتاع منها جزءا، فقال لي رجل من أهل المدينة: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن يباع حي بميت. قال: فسألت عن ذلك الرجل، فأخبرت عنه خيرا.
ومسلم هو ابن خالد الزنجي، مختلف فيه، تكلم فيه ابن المديني، ووثّقه ابن معين والدارقطني، وقال ابن عدي: حسن الحديث لا بأس به. وذكره ابن حبان في الثقات.
والقاسم بن أبي بزة لم يلق أحدا من الصحابة، فالراوي المبهم أحد التابعين، فيكون الحديث مرسلا، كما قال البيهقي.
أخذ الجمهور بهذه الأحاديث -وتعضدها أقوال الصحابة-، فمنعوا بيع اللحم بالحيوان؛ لأن المقصود بالحيوان هنا الذي يشترى ويباع لأجل اللحم.
وتكون علة النهي التفاضل في جنس واحد، وهو ربا الفضل.
وأجاز أبو حنيفة بيع اللحم بالحيوان؛ لأن علة الربا عنده الكيل والوزن، والحيوان ليس بمكيل، ولا موزون، فجاز بيع اللحم بالحيوان.
قلت: لعله لم يبلغه هذا الحديث وأقوال الصحابة، وإلا فأبو حنيفة -رحمه اللَّه- صرح مرارا