حتى أقدم عليك، فلما قدم عليه عمر أخذ من تلك الإبل ثلاثين حقة، وثلاثين جذعة، وأربعين خلفة، ثم قال: أين أخو المقتول؟ فقال: ها أنا ذا. فقال: خذها؛ فإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال فذكر الحديث.
وعمرو بن شعيب لم يدرك عمر بن الخطاب فقيه انقطاع، ولكن جاء موصولا من طريق محمد ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص قال: نحلت لرجل من بني مدلج جارية، فأصاب منها ابنا، فكان يستخدمها، فلما شب الغلام دعاها يوما، فقال: اصنعي كذا وكذا. فقال: لا تأتيك حتى متى تستأمي أمي؟ قال: فغضب، فحذفه بسيفه، فأصاب رجله، فنزف الغلام، فمات، فانطلق في رهط من قومه إلى عمر، فقال: يا عدو نفسه، أنت الذي قتلت ابنك لولا أني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول:"لا يقاد الأب من ابنه" لقتلتك. هلم ديته، قال: فأتاه بعشرين أو ثلاثين ومائة بعير، قال: فخير منها مائة، فدفعها إلى ورثته، وترك أباه.
رواه ابن الجارود (٧٨٨)، والدارقطني (٣/ ١٤٠)، والبيهقي (٨/ ٣٨) كلهم من حديث محمد ابن واره -يعني محمد بن مسلم-، نا محمد بن سعيد، نا عمرو بن أبي قيس، عن منصور، عن محمد بن عجلان، عن عمرو بن شعيب بإسناده. واللفظ لابن الجارود، والبيهقي.
وأما الدارقطني فاختصره على قوله:"لا يقاد الأب من ابنه".
وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب.
وقال البيهقي في "المعرفة"(١٢/ ٤٠): وإسناده صحيح.
قلت: محمد بن عجلان صدوق، وتابعه الحجاج بن أرطاة في قوله:"لا يقتل والد بولده". رواه الترمذي (١٤٠٠)، وابن ماجه (٢٦٦٢)، وأحمد (٣٤٦)، والبيهقي وغيرهم كلهم من طريق الحجاج بن أرطاة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قتل رجل ابنه عمدا، فرفع إلى عمر بن الخطاب، فجعل عليه مائة من الإبل إلى أن قال: ولولا أني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول:"لا يقتل والد بولده" لقتلتك. والحجاج بن أرطاة مدلس، وقد عنعن، وتابعه أيضًا ابن لهيعة فقال: حدثنا عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"لا يقاد والد من ولد". وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يرث المال من يرث الولاء".
رواه الإمام أحمد (١٤٧) عن أبي سعيد، حدثنا عبد اللَّه بن لهيعة بإسناده.
وبمجموع هذه الأسانيد يكون الحديث حسنا.
وأما ما رواه الدارقطني (٤/ ٩٦) من طريق إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس للقاتل من الميراث شيء". فهو خطأ. أخطأ فيه إسماعيل بن عياش، فإنه يخطئ في روايته عن غير الشامين، وهذا منها، والصواب فيه ما رواه مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عمرو بن شعيب، عن عمر فذكر الحديث. كما قال النسائي. وكذلك لا يصح ما روي عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ليس