فقالوا: هجر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "دعوني، فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه".
وأوصى عند موته بثلاث: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أُجيزهم". ونسيت الثالثة.
قال يعقوب بن محمد: سألت المغيرة بن عبد الرحمن عن جزيرة العرب، فقال: مكة، والمدينة، واليمامة، واليمن.
وقال يعقوب: والعرج أول تهامة.
متفق عليه: رواه البخاري في الجهاد (٣٠٥٣)، ومسلم في الوصية (١٦٣٧) كلاهما من حديث سفيان بن عينة، عن سليمان الأحول، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فذكره.
اختلف أهل العلم في تحديد جزيرة العرب، والصحيح هي الأرض الواقعة بين بحر الهند، وبحر القلزم، والخليج العربي، وبحر الحبشة، وأضيفت إلى العرب؛ لأنها كانت بأيديهم، وبها أوطانهم ومنازلهم، ولكن الذي يمنع المشركون من سكناه منها: الحجاز خاصة -وهو مكة والمدينة- على رأي جمهور العلماء. وأما دخولهم في الحرم المصلحة المسلمين فلا بد من إذن الإمام أو من ينوب عنه كما قال الشافعي وغيره. انظر للمزيد "فتح الباري" (٦/ ١٧١).
وقوله: "هجر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-"، وفي صحيح مسلم: "أهجر؟ استفهموه". قال القاضي عياض: وهو أصح من رواية من روي: هجر، يهجر. لأن هذا كله لا يصح منه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأن معنى هجر: هذي. وإنما جاء هذا من قائله استفهاما للإنكار على من قال: لا تكتبوا. أي: لا تتركوا أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتجعلوه كأمر من هجر في كلامه؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يهجر".
وقوله: "دعوني، فالذي أنا فيه خير" معناه دعوني من النزاع واللغط الذي شرعتم فيه، فالذي أنا فيه من مراقبة اللَّه والتأهب للقائه أفضل مما أنتم فيه.
وقوله: "وأجيزوا الوفد" هذا أمر من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بإجازة الوفود، وضيافتهم، وإكرامهم تطييبا لنفوسهم، وترغيبا لغيرهم من المؤلفة قلوبهم ونحوهم؛ لأن في آخر أيام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كثرت الوفود من جميع النواحي للدخول في الإسلام.
وقوله: "نسيت الثالثة" وفي رواية: "وسكت عن الثالثة، أو قالها، فأُنسيتها". فقوله: "سكت" أي ابن عباس، فلم يذكر الثالثة.
"أو قالها فأُنسيتها" قائلها سعيد بن جبير.
وقيل: الثالثة هي تجهيز جيش أسامة.
• عن ابن عباس أنه قال: يوم الخميس، وما يوم الخميس؟ ثم جعل تسيل دموعُه حتى رأيت على خديه كأنها نظام اللؤلؤ. قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ائتوني بالكتف والدواة -أو اللوح والدواة- أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا".