للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن أبي بردة، عن أبي موسى فذكره.

وأبو إسحاق هو السبيعي مختلط، ولكن روى عنه أصحابه وهم كثيرون، إلا أنه أعل برواية شعبة والثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكر الحديث مرسلًا.

قال الترمذي: ورواية هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق، عن أبي بردة عن موسى، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عندي أصح، لأن سماعهم من أبي إسحاق في أوقات مختلفة. وإن كان شعبة والثوري أحفظ وأثبت من جميع هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق هذا الحديث؛ فإن رواية هؤلاء عندي أشبه، لأن شعبة والثوري سمعا هذا الحديث من أبي إسحاق في مجلس واحد، ومما يدل على ذلك ما حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا أبو داود، قال: أنبأنا شعبة قال: سمعت سفيان الثوري يسأل أبا إسحاق: أسمعت أبا بردة يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا نكاح إلا بولي"؟ فقال: نعم. فدل هذا الحديث على أن سماع شعبة والثوري هذا الحديث في وقت واحد. وإسرائيل هو ثقة ثبت في أبي إسحاق.

وذكر الحاكم نحو هذا الكلام. ونقل عن عبد الرحمن بن مهدي يقول: "إسرائيل يحفظ حديث أبي إسحاق كما يحفظ الحمد".

ثم قال الحاكم بعد كلام طويل: "فقد استدللنا بالروايات الصحيحة وبأقاويل أئمة هذا الحديث على صحة حديث أبي موسى بما فيه غنية عن تأمله".

وكذا أطال البيهقي في تخريج هذا الحديث، وخلاصته أنه حديث صحيح، ونقل عن البخاري أنه سئل عن حديث إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبيه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: الزيادة من الثقة مقبولة. وإسرائيل بن يونس ثقة، وإن كان شعبية والثوري أرسلاه، فإن ذلك لا يضر الحديث". انتهى.

ثم قال البيهقي: "والاعتماد على ما مضى من رواية إسرائيل ومن تابعه في وصل الحديث" والحمد للَّه على ذلك.

وقال علي بن المديني: حديث إسرائيل (عن أبي إسحاق) صحيح في "لا نكاح إلا بولي".

وقال قبيصة: جاءني علي بن المديني فسألني عن هذا الحديث فحدثته به عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى، لم يذكر فيه أبا إسحاق فقال: "استرحنا من خلاف أبي إسحاق" ذكره ابن القيم في "تهذيب السنن" (٣/ ٣٠ - ٣١).

ولا يمنع أن يكون رُويَ هذا الحديث موصولًا ومرسلًا وكلاهما صحيح كما قال ابن حبان: "سمع هذا الخبر أبو بردة عن أبي موسى مرفوعًا، فمرة كان يحدث به عن أبيه مسندًا، ومرة يرسله، وسمعه أبو إسحاق عن أبي بردة مرسلًا ومسندًا معًا فمرة كان يحدث به مرفوعًا، وتارة مرسلًا، فالخبر صحيح مرسلًا ومسندًا معا لا شك ولا ارتياب في صحته". انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>