ثم خرجت، فدخلت على سودة بنت زمعة، فقالت: ماذا أدخل اللَّه عزّ وجلّ عليك من الخير والبركة؟ قالت: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أخطبك عليه. قالت: وددت، ادخلي إلى أبي، فاذكري ذاك له، وكان شيخًا كبيرًا قد أدركته السن، قد تخلَّف عن الحج، فدخلت عليه، فحيته بتحية الجاهلية، فقال: من هذه؟ فقالت: خولة بنت حكيم، قال: فما شأنك؟ قالت: أرسلني محمد بن عبد اللَّه، أخطب عليه سودة، قال: كفء كريم، ماذا تقول صاحبتُك؟ قالت: تحب ذاك، قال: أدعها لي، فدعتها. فقال: أي بنية، إن هذه تزعم أن محمد بن عبد اللَّه بن عبد المطلب، قد أرسل يخطبك وهو كفء كريم، أتحبين أن أزوّجك به؟ قالت: نعم، قال: ادعيه لي، فجاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إليه، فزوّجها إياه، فجاءها أخوها عبد بن زمعة من الحج، فجعل يحثي على رأسه التراب، فقال بعد أن أسلم: لعمرك إني لسفيه يوم أحثي في رأسي التراب أن تزوّج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سودة بنت زمعة.
قالت عائشة: فقدمنا المدينة، فنزلنا في بني الحارث من الخزرج في السُّنْح، قالت: فجاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فدخل بيتنا، واجتمع إليه رجال من الأنصار ونساء، فجاءت بي أمي، وإني لفي أرجوجة بين عَذْقين ترجُح بي، فأنزلتني من الأرجوحة، ولي جُميمةٌ، ففرقتها، ومسحتْ وجهي بشيء من ماء، ثم أقبلت تقودني حتى وقفت بي عند الباب، وإني لأنهج، حتى سكن من نفسي، ثم دخلت بي، فإذا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جالس على سرير في بيتنا، وعنده رجال ونساء من الأنصار، فأجلستني في حِجْرِه، ثم قالت: هؤلاء أهلك، فبارك اللَّه لك فيهم، وبارك لهم فيك، فوثب الرجال والنساء، فخرجوا وبنى بي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في بيتنا، ما نُحِرت علي جزور، ولا ذُبحت عليّ شاة حتى أرسل إلينا سعد بن عبادة بجفنة كان يرسل بها إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا دار إلى نسائه، وأنا يومئذ بنت تسع سنين.
حسن: رواه الإمام أحمد (٢٥٧٦٩) عن محمد بن بشر، قال: حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو سلمة ويحيى قالا: فذكر الحديث.
وإسناده حسن من أجل محمد بن عمرو وهو ابن علقمة الليثي فإنه حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات إلا أنه مرسل.
ولكن رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(٢٣/ ٢٣ - ٢٤) والبيهقي في "الدلائل"(٢/ ٤١١)