للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: هذا حسب علمه، وإلا فقد روى غيره أيضًا مِمّن تأخرتْ وفاتُه عنه.

قال الأمير الحافظ أبو نصر بن ماكولا: آخر من حدّث عن البخاري بالصحيح أبو طلحة منصور بن محمد بن علي البزدي من أهل بزدة، وكان ثقة، توفي سنة (٣٢٩ هـ).

وقال محمد بن طاهر المقدسي: روى صحيحَ البخاري جماعةٌ: منهم: الفربري (ت ٣٢٠ هـ)، وحماد بن شاكر (ت ٣١١ هـ)، وإبراهيم بن معقل النسفي (ت ٢٩٥ هـ) (وبنى عليها الخطابي شرح البخاري)، وطاهر بن محمد بن مخلد النسفي.

وفي هذه الروايات من الزيادة والنقصان، والتقديم والتأخير، وأتمّ الروايات هي رواية الفِربري كما قال الحافظ ابن حجر وغيره.

قلت: هذه الرواية هي المنتشرة في الشرق والغرب، وهي التي وصلت إلى اليونيني البعلبكي الحنبلي (٦٢١ - ٧٠١ هـ).

قال تلميذه أحمد بن عبد الوهاب النويري (ت ٧٣٣ هـ): "اعتني بصحيح البخاري من سائر طرقه، وحرَّرَ نسختَه تحريرًا شافيًا، وجعل لكل طريق إشارةً، وكتب عليه حواشي صحيحةً، وقد نقلتُ صحيح البخاري من أصله مرارًا سبعة، وحرَّرتُه كما حرّرَه، وقابلتُ بأصله وهو أصل سماعي على الحجار ووزيره" (١) اهـ. وهي من أصحّ نسخ صحيح البخاري.

فكان البخاري رحمه اللَّه وضع أساسا لجميع الأحاديث الصحيحة، ولكنّه لم يستوعِبْ، فكان الواجب على علماء الإسلام عموما، وعلى علماء الحديث خصوصًا أن يُكَمِّلوا ما بدأ به البخاري رحمه اللَّه، إلى جانب شرحه، وتهذيبه، والتعليق عليه.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللَّه: "ما في الكتب المصنفة المبوّبة كتابٌ أنفعُ من صحيح محمد بن إسماعيل البخاري، لكن هو وحده لا يقوم بأصول العلم، ولا يقوم بتمام المقصود للمتبحّر في أبواب العلم إذْ لا بُدَّ من معرفة أحاديث أُخَر، وكلام أهل الفقه، وأهل العلم في الأمور التي يختصّ بعلمها بعض العلماء" (٢).


(١) نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري (٣٢/ ١٧).
(٢) مجموع الفتاوي (١٠/ ٦٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>