وكان بين الأوس والخزرج ما كان لا يمنعني ذلك أنّ أقول الحقّ فذكر الحديث. والعذر للبراء أنه لم يقصد تغطية فضل سعد بن معاذ وإنما فهم ذلك، فجزم به هذا الذي يليق أنْ يُظن به وهو دالٌّ على عدم تعصّبه. ولما جزم الخطابي بما تقدم احتاج هو ومن تبعه إلى الاعتذار عمّا صدر من جابر في حقّ البراء، وقالوا في ذلك ما محصله: إنّ البراء معذور لأنّه لم يقل ذلك على سبيل العداوة السعد وإنما فهم شيئا محتملا فحمل الحديث عليه والعذر لجابر أنه ظنّ أن البراء أراد الغض من سعد، فساغ له أنْ ينتصر له واللَّه أعلم".
ثم قال: "وقد أنكر ابنُ عمر ما أنكره البراء فقال: إنّ العرش لا يهتز لأحد. ثم رجع عن ذلك وجزم بأنه اهتزّ له عرش الرحمن". انتهى.
وسيأتي حديث ابن عمر.
• عن جابر بن عبد اللَّه، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لسعد: "هذا العبد الصّالحُ الذي تحرّكَ له العرش، وفُتحتْ له أبواب السّماء، شُدِّد عليه، ففرَّج اللَّه عنه".
حسن: رواه الإمام أحمد (١٤٥٠٥)، والطبراني في الكبير (٦/ ١٣)، وصحّحه ابن حبان (٧٠٣٣)، والحاكم (٣/ ٢٠٦) كلّهم من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، حدثني يزيد بن عبد اللَّه بن أسامة بن الهاد الليثيّ، ويحيى بن سعيد، عن معاذ بن رفاعة الزُّرقيّ، عن جابر بن عبد اللَّه، فذكره.
قلت: إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة اللّيثيّ، فإنّه صدوق.
وفي رواية عن جابر قال: خرجنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يومًا إلى سعد بن معاذ حين توفي، قال: فلما صلّى عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ووُضع في قبره، وسُوّي عليه، سبَّح رسولُ اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم- فسبّحنا طويلًا، ثم كبّر فكبّرنا فقيل: يا رسول اللَّه، لم سّبحتَ ثم كبّرتَ؟ قال: "لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره حتّى فرّج اللَّه عنه".
رواه الإمام أحمد (١٤٨٧٣)، والطبرانيّ في الكبير (٦/ ١٥) كلاهما من حديث ابن إسحاق، قال: حدثني معاذ بن رفاعة الأنصاريّ، ثم الزّرقيّ، عن محمود بن عبد الرحمن بن عمرو بن الجموح، عن جابر، فذكره.
وإسناده حسن؛ لأنّ محمد بن إسحاق قد صرَّح بالتحديث، وقد ثبت أن معاذ بن رفاعة روى عن جابر، وعن محمود بن عبد الرحمن الجَموح عن جابر، وكلاهما صحيح.
• عن جابر قال: جاء جبريلُ إلى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "من هذا العبد الصّالحُ الذي مات، فُتحتْ له أبواب السّماء، وتحرَّك له العرش؟ فخرج النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فإذا سعد بن معاذ قد مات".
صحيح: رواه ابن منده في التوحيد (٨٢١) من طرق عن عبد العزيز بن محمد، عن يزيد بن الهاد، عن معاذ بن رفاعة الزّرقيّ، عن جابر، فذكره.