وأما ما روي عن الشعبي قال: خطب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الناس فحمد الله تعالى وأثنى عليه، وقال: ألا لا تغالوا في صداق النساء، فإنه يبلغني عن أحد ساق أكثر من شيء ساقه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، أو سبق إليه إلا جعلتُ فضل ذلك في بيت المال، ثم نزل، فعرضت له امرأة من قريش، فقالت: يا أمير المؤمنين، أكتاب الله تعالى أحقُّ أن يُتّبع أو قولك؟ قال: بل كتاب الله تعالى فما ذاك؟ قالت: نهيتَ الناس آنفا أن يغالوا في صداق النساء والله تعالى يقول في كتابه: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا}[النساء: ٢٠] فقال عمر - رضي الله عنه -: "كل أحد أفقه من عمر مرتين أو ثلاثا، ثم رجع إلى المنبر، فقال للناس: إني كنت نَهيتُكم أن تغالوا في صداق النساء، ألا فليفعلْ رجل في ماله ما بدا له. فهو ضعيف.
رواه البيهقي (٧/ ٢٣٣) من حديث سعيد بن منصور - وهو في سننه (١/ ١٦٦) قال: ثنا هُشيم، ثنا مجالد، عن الشعبي فذكره.
قال البيهقي: "هذا منقطع". يعني أن الشعبي لم يدركْ عمر بن الخطاب.
وروي من وجه آخر عن قيس بن الربيع، عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قال عمر بن الخطاب: "لا تغالوا في مهور النساء". فقالت امرأة: ليس ذلك لك يا عمر، إن الله يقول:{وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا}[النساء: ١٠] قال: وكذلك هي في قراءة عبد الله (فلا يحل لكم أن تأخذوا منه شيئا)، فقال عمر: إن امرأة خاصمت عمر، فخصمته.
رواه عبد الرزاق (١٠٤٢٠) عن قيس بن الربيع.
وقيس بن الربيع ضعيف باتفاق أهل العلم.
وأبو عبد الرحمن السلمي هو عبد الله بن حبيب بن ربيعة السلمي الكوفي المقرئ ثقة ثبت، ولأبيه صحبة، إلا أنه لم يدرك عمر بن الخطاب.
ورُوي عن عمر بن الخطاب أيضا أنه قال: لقد خرجت أنا أريد أن أنهى عن كثرة مهور النساء حتى قرأت هذه الآية {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا}[النساء: ٢٠] رواه سعيد بن منصور في سننه (١/ ١٦٧) والبيهقي وقال: "هذا مرسل جيد".
وفي الباب أحاديث لا تصح:
منها: ما رُوي عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خيرهن أيسرهن صداقًا" رواه ابن حبان في صحيحه (٤٠٣٤) والعقيلي في الضعفاء (٤٩٩) والطبراني في الكبير (١١/ ٧٨) كلهم من حديث رجاء بن الحارث، عن مجاهد، عن ابن عباس فذكره.
قال الهيثمي في "المجمع" (٤/ ٢٨١): وفيه رجاء بن الحارث ضعفه ابن معين وغيره، وبقية رجاله ثقات.