انظر للمزيد: "فتح الباري" (٧/ ١٢٤).
وفي الباب ما رُوي عن امرأة من الأنصار -يقال لها أسماء بنت يزيد بن مسكن- قالت: لما توفي سعد بن معاذ صاحتْ أمُّه، فقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألا يرقأ دمعك، ويذهب حزنك، فإنّ ابنكِ أوّلُ من ضحِك اللَّه له، واهتزّ له العرش".
رواه الإمام أحمد (٢٧٥٧١)، والطبرانيّ في الكبير (٦/ ١٤) كلاهما عن يزيد بن هارون، قال: أخبرنا إسماعيل -يعني ابن أبي خالد-، عن إسحاق بن راشد، عن امرأة، فذكرته.
ومن هذا الوجه رواه أيضًا الحاكم (٣/ ٢٠٦) وقال: صحيح الإسناد.
وأورده الهيثميّ في "المجمع" (٩/ ٣٠٩) وقال: "رجاله رجال الصّحيح".
قلت: ليس كما قال؛ فإنّ إسحاق بن راشد ليس من رجال الصّحيح، ولا من رجال السنن، ولذا ترجمه الحافظ في "التهذيب" تمييزًا، ولم نقف على توثيق له من غير ابن حبان.
وأخرج هذا الحديث ابن خزيمة في كتاب التوحيد (٤٦٦) وقال عقبه:
"لستُ أعرفُ إسحاق بن راشد هذا، ولا أظنُّه الجزريّ أخو النّعمان بن راشد" انتهى.
قلت: إسحاق بن راشد الجزريّ هذا متأخر عن إسحاق بن راشد الذي في الإسناد، والجزريّ روى له الجماعة سوى مسلم، وهو ثقة كما في "التقريب".
وفي الباب أيضًا عن أُسيد بن حُضير قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لقد اهتزّ العرشُ لوفاة سعد بن معاذ".
رواه الإمام أحمد (١٩٠٩٥)، والطبراني في الكبير (١/ ١٧٣)، وصحّحه ابن حبان (٧٠٣٠)، والحاكم (٢/ ٢٠٧، ٢٨٩) كلّهم من طرق عن محمد بن عمرو، عن أبيه، عن جدّه علقمة، عن عائشة، قالت: قدمنا من حجّ أو عمرة، فتُلقِّينا بذي الحُليفة، وكان غِلمانٌ من الأنصار تلقوا أهليهم، فلقوا أسيد بن حُضير، فنعوا له امرأته، فتقنَّع وجعل يبكي. فقلتُ له: غفر اللَّه لك، أنت صاحبُ رسول اللَّه، ولك من السّابقة والقدَم، مالك تبكي على امرأةٍ؟ فكشف عن رأسه وقال: صدقتِ لعمري، حقّي أن لا أبكي على أحد بعد سعد بن معاذ، وقد قال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما قال. قالتْ: قلتُ له: ما قال له رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: ولقد اهتزّ العرشُ لوفاة سعد بن معاذ". قالت: وهو يسير بيني وبين رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-". واللّفظ لأحمد.
ولفظ غيرهم نحوه إلّا أنّ ابن حبان لم يذكر القصة.
قال الحاكم في الموضع الأول: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه". وقال الذهبي في "العلو" (١٨٩): "إسناده حسن".
وقال ابن منده في التوحيد (٨٢٦): "مشهور عن محمد بن عمرو".
وقال الحاكم في الموضع الثاني: "صحيح على شرط مسلم".
وعمرو بن علقمة ليس من رجال مسلم، ولم يؤثر عن أحد توثيقه وإنما ذكره ابن حبان في "ثقاته" (٥/ ١٧٤)