للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النسائي: "ليس به بأس" وقال ابن عدي: "صالح الحديث إذا روى عنه ثقة" ولكن قال ابن المديني: "ما روي عن عكرمة فمنكر"، وقال أبو داود: "أحاديثه من شيوخه مستقيمة، وأحاديثه عن عكرمة مناكير".

ولكن إذا أضيف إليه حديث ابن جريج، قال: أخبرني بعض بني أبي رافع مولى النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن عكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس قوي الحديث. وهو ما رواه عبد الرزاق (١١٣٣٤) وعنه أبو داود (٢١٩٦) من الطريق المشار إليه عن ابن عباس قال: طلق عبد يزيد - أبو ركانة وإخوته - أم ركانة - ونكح امرأة من مزينة، فجاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: ما يُغني عني إلا كما تُغني هذه الشعرة - لشعرة أخذتها من رأسها - ففرق بيني وبينه. فأخذت النبي - صلى الله عليه وسلم - حمية. فدعا بركانة وإخوته ثم قال لجلسائه: "أترون فلانا يشبه منه كذا وكذا؟ " من عبد يزيد. "وفلانا يشبه منه كذا وكذا؟ " قالوا: نعم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد يزيد: "طلقها" ففعل، ثم قال: "ارجع امرأتك أم ركانة وإخوته" فقال: إني طلقتها ثلاثا يا رسول الله. قال: "قد علمت راجعها" وتلا: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١].

وفيه جهالة بعض بني أبي رافع هذا، وأولاده التابعون، وقد توبعوا في الإسناد الأول.

واجتماع الطريقين يحدث قوة لموافقتها على لفظ الحديث، بأنه طلّق ثلاثا في مجلس واحد فجعله النبي - صلى الله عليه وسلم - واحدة، وأمره بالمراجعة. ورجح الحافظ ابن حجر رواية ابن إسحاق وقال: "هذا الحديث نص في المسألة لا يقبل التأويل الذي في غيره من الروايات الآتي ذكره. .... الفتح (٩/ ٣٦٢).

ثم نقل ابن حجر هذا المذهب عن علي، وابن مسعود، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير، نقل ذلك ابن مغيث في "كتاب الوثائق" له، وعزاه لمحمد بن وضاح، ونقل الغنوي ذلك عن جماعة من مشايخ قرطبة محمد بن بقي بن مخلد، ومحمد بن عبد السلام الخشني وغيرهما، ونقله ابن المنذر عن أصحاب ابن عباس كعطاء، وطاوس، وعمرو بن دينار، وقال ابن حجر: ويتعجب من ابن التين حيث جزم بأن لزوم الثلاث لا اختلاف فيه، وإنما الاختلاف في التحريم، مع ثبوت الاختلاف كما ترى، ويقوّي حديثَ ابن إسحاق المذكور: ما أخرجه مسلم من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس .. فذكره. انتهى.

اختلاف فتيا ابن عباس:

عن مجاهد قال: كنت عند ابن عباس فجاءه رجل فقال: إنه طلق امرأته ثلاثا قال: فسكت حتى ظننتُ أنه رادّها إليه، ثم قال: ينطلق أحدكم فيركب الحموقة ثم يقول: يا ابن عباس، يا ابن عباس! وإن الله قال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: ٢] وإنك لم تتق الله، فلا أجد لك مخرجًا. عصبت ربك، وبانت منك امرأتك. وإن الله قال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>