وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "لكن الأئمة الأكابر العارفون بعلل الحديث والفقه فيه كالإمام أحمد، والبخاري، وغيرهما، وأبي عبيد، وأبي محمد بن حزم، وغيره ضعّفوا حديث البتة، وبيّنوا أن رواته قوم مجاهيل، لم تعرف عدالتهم وضبطهم، أحمد أثبتَ حديثَ الثلاث، وبيّن أنه الصواب مثل قوله: حديث ركانة لا يثبت أنه طلق امرأته البتة وقال أيضًا: "حديث ركانة في البتة ليس بشيء، لأن ابن إسحاق يروي عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس أن ركانة طلق امرأته ثلاثًا".
وأهل المدينة يسمون من طلق ثلاثا طلق البتة. وأحمد إنما عدل عن حديث ابن عباس لأنه كان يرى أن الثلاث جائزة موافقة للشافعي". انتهى. مجموع الفتاوي (٣٣/ ١٥).
وكذلك لا يصح ما روي عن عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة، عن أبيه، عن جده أنه طلق امرأته البتة، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما أردت؟ " قال: واحدة. قال: "الله". قال: "الله". قال: "هو على ما أردت".
رواه أبو داود (٢٢٠٨) والترمذي (١١٧٧) وابن ماجه (٢٠٥١) وصحّحه ابن حبان (٤٢٧٤) والحاكم (٢/ ١٩٩) كلهم من حديث جرير بن حازم، عن الزبير بن سعيد، عن عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة فذكره.
قال أبو داود: "وهذا أصح من حديث ابن جريج، أن ركانة طلق امرأته ثلاثًا. لأنهم أهل بيته. وهم أعلم به. وحديث ابن جريج رواه عن بعض بني أبي رافع، عن عكرمة، عن ابن عباس". انتهى
ولكن قال الترمذي: "هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وسألت محمدا عن هذا الحديث فقال: فيه اضطراب، ويُروى عن عكرمة، عن ابن عباس أن ركانة طلق امرأته ثلاثًا". انتهى.
قلت: وفي سنده الزبير بن سعيد ضعيف قال الآجري عن أبي داود: في حديثه نكارة، لا أعلم إلا أني سمعت ابن معين يقول: هو ضعيف.
ومرة قال: بلغني عن يحيى أنه ضعّفه، ولكن في رواية الدوري عن ابن معين قال: ثقة، وقال مرة: ليس بشيء، وقال أبو زرعة: شيخ.
وفيه أيضًا عبد الله بن علي بن يزيد لم يوثقه غير ابن حبان، ولم يرو عنه غير الزبير بن سعيد. قال العقيلي: "لا يتابع على حديثه" مضطرب الحديث. وروى حديثا منكرا في الطلاق. وأبوه علي بن يزيد لم يوثقه غير ابن حبان. وقال البخاري: لم يصح حديثه.
وقد روي في قصة فاطمة بنت قيس قالت: طلقني زوجي ثلاثا، وهو خارج إلى اليمن، فأجاز ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
رواه ابن ماجه (٢٠٤٢) عن محمد بن رافع، قال: أنبانا الليث بن سعد، عن إسحاق بن أبي فروة، عن أبي الزناد، عن عامر الشعبي، قال: قلت لفاطمة بنت قيس: حدّثيني عن طلاقك