واحدة" والهبة هي هبات الفحل، وسفاده ومعناه أنه أتاها وقعة واحدة كما فسّره الخطابي في غريب الحديث (١/ ٥٤٦).
وظاهر المرفوع يعارض هذا، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "حتى تذوقي عسيلته، وتذوق عسيلتك" فإن الرجل لو تمكّنَ من الوطء ولو مرة واحدة لما أمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الأمر. بل أجاز طلاقها.
فالمعنى الصحيح والله تعالى أعلم أن هذه الهبة الواحدة لم يحصل منها العسيلة المعروفة التي تكفي الطلاق، والرجوع إلى الزوج الأول، فكأن الرجل حاول الجماع، ولكن حصل له فتور مؤقت، فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصبر حتى يذوق عسيلتها، وتذوق عسيلته.
ونُفيَ عنه العنّةُ. لوجود بيّنة بقوله: "هذا الذي تزعمين ما تزعمين، فوالله لهم أشبه به من الغراب بالغراب".
٤ - والعسيِلة: تصغير العسل والمراد منه حلاوة الجماع، فلعل الرجل كان أُنزل قبل تمام الإيلاج، فلم يذقْ عسيلة صاحبته، كما لم تذق عسيلة صاحبها.
٥ - والعمل على هذا الحديث عند عامة أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم، بأن وطء الزوج الثاني لا يكون محللًا لارتجاع الزوج الأول للمرأة إلا إذا كان حال وطئه منتشرًا، فلو لم يكن كذلك، أو كان عنِّينا، أو طفلا لم يكن في أصح قولي أهل العلم.
٦ - وقوله: "حتى تذوقي عسيلته ... " كناية عن الجماع، وهو تغييب حشفة الرجل في فرج المرأة. سواء أنزل أو لم ينزل. فإن التذوق يحصل بمجرد الإدخال، وإن كان كماله لا يكون إلا بالإنزال.
٧ - وقوله: هدبة الثوب: هو طرف الثوب وهو كناية عن أن ذكر الرجل يشبه الهدبة في الاسترخاء، وعدم الانتشار.
• عن عبيد الله بن عباس قال: جاءت الغُميصاء - أو الرميصاء - إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو زوجها، وتزعم أنه لا يصل إليها. فما كان إلا يسيرًا حتى جاء زوجها. فزعم أنها كاذبة. ولكنها تريد أن ترجع إلى زوجها الأول. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس لك ذلك، حتى يذوق عسيلتك رجل غيره".
صحيح: روبه النسائي (٣٤١١) وأحمد (١٨٣٧) كلاهما من حديث هُشيم، قال: أنبأنا يحيى بن أبي إسحاق، عن سليمان بن يسار، عن عبيد الله بن العباس فذكره. واللفظ لأحمد.
وفي لفظ النسائي: "لا، حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول" وإسناده صحيح. وعبيد الله بن عباس هو أخو عبد الله بن عباس، أصغر منه بسنة. قال ابن حجر في الإصابة في ترجمته: "ورجاله ثقات إلا أنه ليس بصريح بأن عبيد الله بن عباس شهد القصة". يعني أنه من مراسيل الصحابي. وقد ثبت أنه كان رديف النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه سمع منه مثل أخيه عبد الله. وكان عند وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -