للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أبو حاتم: "ثقة متقن".

فمثله لا تضر مخالفة عبد الرزاق له.

وحديث عبد الرزاق في مصنفه (١١٨٥٨) عن معمر، عن عمرو بن مسلم، عن عكرمة مولى ابن عباس قال: اختلعت امرأةُ ثابت بن قيس بن شماس من زوجها، فجعل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عدتَها حيضة.

وفي الإسناد عمرو بن مسلم وهو الجندي اليماني روي له مسلم حديثا. وقال ابن معين في رواية: "لا بأس به" وقال ابن عدي: "ليس له حديث منكر جدًّا". ووثّقه ابن حبان فمثله يحسن حديثه.

وقع الخلاف في اسم زوجة ثابت بن قيس بن شماس فقيل: جميلة بنت سهل وهو الأشهر، وقيل: حبيبة بنت سهل، وقيل جميلة بنت سلول، وقيل زينب بنت عبد الرحمن بن أبيّ، وقيل مريم الغالية، وقيل غير ذلك ظاهره الاضطراب ولكن يمكن حمله على التعدد بأزواج ثابت بن قيس، والاختلاف في اسم المختلعة لا يضر في صحة الحديث.

وأما ما روي عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل الخلع تطليقة بائنة فهو ضعيف جدا. رواه الدارقطني (٤/ ٤٥ - ٤٦) والبيهقي (٧/ ٣١٦) كلاهما من حديث رواد بن الجراح، عن عباد بن كثير، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.

وعباد بن كثير وهو الثقفي البصري قال أحمد: روى أحاديث كذب، وقال ابن معين: ضعيف الحديث، وقال النسائي: "متروك" وضعّفه البخاري وأبو زرعة والدارقطني والعجلي وغيرهم والخلاصة أنه ضعيف جدًّا، بل و "متروك" كما في "التقريب". وفيه أيضا روّاد بن الجراح ضعَّفه النسائي وقال الدارقطني: "متروك". وقال البيهقي بعد أن تكلم في عباد بن كثير البصري: "وكيف يصح، ومذهب ابن عباس وعكرمة بخلافه" وبمعناه أحاديث لا تصح.

اختلف أهل العلم في عدة المختلعة فقال أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم: إن عدة المختلعة ثلاث حيض، فإن ظاهر الكتاب في عدة المطلقات يتناول المختلعة وغيرها. وبه قال أحمد وإسحاق وأهل الكوفة.

وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم إن عدة المختلعة حيضة واحدة مستدلين بحديث الربيع بن معوذ.

قال إسحاق بن راهويه: "وإن ذهب ذاهب إلى هذا فهو مذهب قوي" ذكره الترمذي.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: من نظر هذا القول وجده مقتضى قواعد الشريعة؛ فإن العدة إنما جعلت ثلاث حيض ليطول زمن الرجعة، ويتروى الزوج، ويتمكن من الرجعة في مدة العدة. فإذا لم تكن عليها رجعة فالمقصود براءة رحمها من الحمل، وذلك يكفي فيه حيضة كالاستبراء.

ويستفاد من أحاديث الباب أن الخلع فسخ، وليس بطلاق، وذلك أن الله تعالى قال: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>