للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤] حتى حجَّ وحججتُ معه، وعدل وعدلتُ معه بإداوة، فتبرزَ ثم جاء فسكبتُ على يديه منها فتوضأ، فقلت له: يا أمير المؤمنين! مَن المرأتان من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتان قال الله تعالى: {{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤]؟ قال: واعجبا لك يا ابن عباس، هما عائشة وحفصة، ثم استقبل عمر الحديث يسوقه قال: كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهم من عَوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فينزل يوما وأنزل يوما، فإذا نزلت جئته بما حدث من خبر ذلك اليوم من الوحي أو غيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك، وكنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار، إذا قوم تغلبهم نساؤُهم، فطفق نساؤُنا يأخذن من أدب نساء الأنصار. فصَخِبْتُ على امرأتي فراجعتني، فأنكرتُ أن تراجعني قالت: ولم تُنكر أن أراجعك؟ فوالله إن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليراجعنَه، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل. فأَفْزعني ذلك فقلت لها: قد خاب من فعل ذلك منهن. ثم جمعتُ علي ثيابي، فنزلت حتى دخلتُ على حفصة فقلت لها: أي حفصة، أتُغاضب إحداكن النبي - صلى الله عليه وسلم - اليوم حتى الليل؟ قالت: نعم، فقلت: قد خبتِ وخسرتِ، أفتأمنين أن يغضب الله لغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتهلكي؟ لا تستكثري النبي صلى الله عليه وسلم ولا تراجعيه في شيء ولا تهجريه، وسَليني ما بدا لكِ، ولا يغرنك أن كانت جارتُك أوضأَ منك، وأحب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، - يريد عائشة - قال عمر: وكنا قد تحدثنا أن غسان تُنْعل الخيلَ لتغزونا، فنزل صاحبي الأنصاري يومَ نوبتِه، فرجع إلينا عشاء فضرب بابي ضربًا شديدًا وقال: أثم هو؟ ففزعتُ فخرجتُ إليه، فقال: قد حدثَ اليوم أمرٌ عظيم، قلت: ما هو؟ أجاء غسان؟ قال: لا، بل أعظم من ذلك وأهولُ، طلّق النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه.

وقال عبيد بن حنين: سمع ابن عباس عن عمر فقال: اعتزل النبي - صلى الله عليه وسلم - أزواجه، فقلت: خابت حفصةُ وخسرتْ، وقد كنت أظنُّ هذا يوشك أن يكون، فجمعتُ عليّ ثيابي، فصليتُ صلاة الفجر مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مشربةً له فاعتزل فيها، ودخلت على حفصة فإذا هي تبكي، فقلت: ما يُبكيك؟ ألم أكن حذّرتك هذا، أطلّقكن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: لا أدري، ها هو ذا معتزل في المشربة. فخرجت فجئت إلى المنبر فإذا حوله رهط يبكي بعضهم، فجلستُ معهم قليلا، ثم غلبني ما أجد فجئتُ المشربةَ التي فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلتُ لغلام أسود: استأذنْ لعمر. فدخل الغلام فكلّم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم رجع فقال: كلّمتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكرتُك له فصمتَ، فانصرفتُ حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>