للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: ٦٨]. قال مشركوا أهل مكة: فقد قتلنا النفس التي حرم الله، ودعونا مع الله إلها آخر، وقد أتينا الفواحش فأنزل الله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: ٧٠] فهذه لأولئك، وأمّا التي في النساء: [٩٣] فالرجل إذا عرف الإسلام وشرائعه، ثمّ قتل فجزاؤه جهنّم. فذكرته لمجاهد فقال: إِلَّا من ندم.

متفق عليه: رواه البخاريّ في المناقب (٣٨٥٥)، عن عثمان بن أبي شيبة، حَدَّثَنَا جرير، عن منصور، حَدَّثَنِي سعيد بن جبير أو قال: حَدَّثَنِي الحكم عن سعيد بن جبير قال: أمرني عبد الرحمن بن أبزى فذكره.

ورواه مسلم في التفسير (١٨: ٣٠٢٣) من حديث منصور، عن سعيد بن جبير بدون شك مختصرًا. ولم يذكر مسلم قول مجاهد.

• عن سعيد بن جبير قال: اختلف أهل الكوفة في هذه الآية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: ٩٣] فرحلت إلى ابن عباس فسألته عنها فقال: لقد أنزلت آخر ما أنزل، ثمّ ما نسخها شيء.

متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٥٩٠) ومسلم في التفسير (٣٠٣٢) كلاهما من حديث شعبة، حَدَّثَنَا مغيرة بن النعمان، قال: سمعت سعيد بن جبير فذكره.

• عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: ألمن قتل مؤمنًا متعمِّدًا من توبة؟ قال: لا. قال: فتلوت عليه هذه الآية التي في الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الفرقان: ٦٨] إلى آخر الآية قال: هذه آية مكية، نسختها آية مدنية {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا} [النساء: ٩٣].

متفق عليه: رواه مسلم في التفسير (٢٠: ٣٠٢٣) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن ابن جريج، حَدَّثَنِي القاسم بن أبي بزّة، عن سعيد بن جبير قال: فذكره. ورواه البخاريّ في التفسير (٤٧٦٢) من وجه آخر عن ابن جريج مختصرًا.

قال النوويّ في شرح مسلم: هذا هو المشهور عن ابن عباس. ورُوي عنه أن له توبة، وجواز المغفرة لقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ١١٠] وهذه الرواية الثانية هي مذهب جميع أهل السنة والصحابة والتابعين ومن بعدهم. وما رُوي عن بعض السلف مما يخالف هذا محمول على التغليظ والتحذير من القتل والتورية في المنع منه. وليس في هذه الآية التي احتج بها ابن عباس نصريح بأنه يخلد، وإنما فيها أنه جزاؤه، ولا يلزم منه أنه يجازي.

وقال غيره: إن قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا ... } [النساء: ٩٣] مطلق، فيحمل

<<  <  ج: ص:  >  >>