فغضب فحذفه بسيفه. فأصاب رجله. فنزف الغلام فمات. فأنطلق في رهط من قومه إلى عمر. فقال: يا عدو نفسه، أنت الذي قتلت ابنك، لولا أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يقاد الأب من ابنه" لقتلتك. هلم ديته. قال: فأتاه بعشرين أو ثلاثين ومائة بعير. قال: فخيّر منها مائة فدفعها إلى ورثته، وترك أباه.
حسن: رواه البيهقي (٨/ ٣٨) وابن الجارود (٧٨٨) والدارقطني (٣/ ١٤٠) كلهم من حديث محمد بن مسلم بن وارة، نا محمد بن سعيد بن سابق، نا عمرو بن أبي قيس، عن منصور، عن محمد بن عجلان، عن عمرو بن شعيب بإسناده واللفظ للبيهقي وابن الجارود.
وأما الدارقطني فاختصره على قوله: "لا يقاد الأب من ابنه" وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب.
وقال البيهقي في "المعرفة" (١٢/ ٤٠) وإسناده صحيح.
قلت: محمد بن عجلان صدوق، وتابعه الحجاج بن أرطاة في قوله: "لا يقتل والد بولده".
رواه الترمذي (١٤٠٠) وابن ماجه (٢٦٦٢) وأحمد (٣٤٦) وأبو عاصم في الديات (١٣٤) والدارقطني والبيهقي وغيرهم، كلهم من طريق الحجاج بن أرطاة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قتل رجل ابنه عمدًا. فرفع إلى عمر بن الخطاب فجعل عليه مئة من الإبل إلى أن قال: ولولا أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يقتل والد بولده" لقتلتك.
والحجاج بن أرطاة مدلس وهو ضعيف، ولكن تابعه أيضا ابن لهيعة فقال: حدثنا عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن عمر أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "لا يقاد والد من ولد" وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يرث المال من يرث الولاء".
رواه الإمام أحمد (١٤٧) عن أبي سعيد، حدثنا عبد الله بن لهيعة بإسناده وقيل: إن ابن لهيعة لم يسمع من عمرو بن شعيب، فهذه الرواية ترده لأن فيها التصريح بالتحديث.
والخلاصة في حديث عمرو بن شعيب أنه حسن من أجله، وقد صححه البيهقي كما مضى.
ولحديث عمرو بن شعيب أسانيد أخرى غير أن ما ذكرته أصحها.
وأما ما رُوي عن سراقة بن مالك قال: حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقيد الأب من ابنه، ولا يُقيد الابن من أبيه. فهو ضعيف.
رواه الترمذي (١٣٩٩) عن علي بن حُجر، ثنا إسماعيل بن عياش، حدثنا المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن سراقة بن مالك فذكره.
قال الترمذي: "هذا حديث لا نعرفه من حديث سراقة إلا من هذا الوجه، وليس إسناده بصحيح، رواه إسماعيل بن عياش، عن المثنى بن الصباح، والمثني بن الصباح يُضَعَّف في الحديث".
قلت: وإسماعيل بن عياش ضعيف في غير الشاميين. وهذا منه، فإن المثنى بن الصباح ليس بشامي.