للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: وقد كانت هذيل خلعوا خليعا لهم في الجاهليّة فطرق أهل بيت من اليمن بالبطحاء فانتبه له رجلٌ منهم فحذفه بالسيف فقتله، فجاءت هذيل فأخذوا اليماني فرفعوه إلى عمر بالموسم وقالوا: قتل صاحبنا. فقال: إنهم قد خلعوه. فقال: يقسم خمسون من هذيل ما خلعوه. قال فأقسم منهم تسعة وأربعون رجلًا، وقدم رجل منهم من الشام فسألوه أن يقسم فافتدى يمينه منهم بألف درهم، فأدخلوا مكانه رجلًا آخر، فدفعه إلى أخي المفتول فقُرنت يده بيده، قالوا: فانطلقا والخمسون الذين أقسموا حتَّى إذا كانوا بنخلة، أخذتهم السماء فدخلوا في غار في الجبل، فانهجم الغارُ على الخمسين الذين أقسموا فماتوا جميعًا، وأفلت القرينان واتبعهما حجر فكسر رجل أخي المقتول، فعاش حولا ثمّ مات.

قلت: وقد كان عبد الملك بن مروان أقاد رجلًا بالقسامة ثمّ ندم بعد ما صنع، فأمر بالخمسين الذين أقسموا فمُحُوا من الديوان وسيَّرهم إلى الشام.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الديات (٦٨٩٩) ومسلم في القسامة (١٠: ١٦٧١) كلاهما من طريق ابن علة، حَدَّثَنَا الحجاج بن أبي عثمان، حَدَّثَنِي أبو رجاء مولى أبي قلابة، عن أبي قلابة، فذكره. والسباق للبخاريّ. وأمّا مسلم فاختصره مقتصرًا على قصة العرنيين.

وطريق الجمع بين هذا الحديث والأحاديث التي قبلها يقال: حفظ بعضهم ما لم يحفظ الآخر، وتفصيله أنه طلب البينة أولا من المدعي وهم الأنصار، فلمّا لم تكن عندهم البينة عرض عليهم الأيمان فامتنعوا، فعرض عليهم تحليف اليهود فأبوا. فوداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عنده من بيت المال. حتَّى لا يتعارض بعضه بعضًا، والقصة واحدة.

إِلَّا أن البخاريّ يذهب إلى أصل المسألة وهي أن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر، ولذا أخرج في باب القسامة حديث سعيد بن عبيد عن بشير بن يسار وفيه: "تأتوا بالبينة أو فيحلفون" وكذلك في حديث عمر بن عبد العزيز، والجمهور على خلافه كما سيأتي من قول الخطّابي.

• عن بُشير بن يسار مولى بني حارثة الأنصاريين أخبر، وكان شيخا كبيرًا فقيها، وكان قد أدرك من أهل داره من بني حارثة من أصحاب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - رجالًا منهم: رافع بن خديج، وسهل بن أبي حثمة، وسويد بن النعمان، حدثوه أن القسامة كانت فيهم في بني حارثة بن الحارث في رجل من الأنصار يُدعى عبد الله بن سهل قُتل بخيبر. وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: "تحلفون خمسين فتستحقون قاتلكم" أو قال: "صاحبكم" قالوا: يا رسول الله! ما شهدنا ولا حضرنا، فزعم بُشير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: "فتُبرئكم يهود بخمسين" فذكره.

حسن: رواه البيهقيّ (٨/ ١١٩) من طريق يعقوب بن سفيان، ثنا ابن أبي أويس، حَدَّثَنِي أبي، عن يحيى بن سعيد، أن بُشير بن يسار أخبره فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>