قال الحاكم: صحيح الإسناد.
وهو كما قال من ظاهر الإسناد، ولا يضر عدم تسمية ابن خزيمة فإنه عمارة بن خزيمة وهو ثقة معروف من روايته عن أبيه، وحسن إسناده ابن حجر في الفتح (١/ ٦٧)، (١٢/ ٨٤) ولكن وقع الخلاف على أسامة بن زيد، فإنه وصف بكثير الخطأ وإن كان هو صدوقا في نفسه، فمرة روي هكذا. وأخرى كما سيأتي.
وقد سأل الترمذي البخاري كما في "العلل الكبير" (٢/ ٢٠٦) عن هذا الحديث فقال: "هذا حديث فيه اضطراب" وضعّفه جدًّا.
قال: وقال محمد: وقد رُوي عن أسامة بن زيد، عن رجل، عن بكير بن الأشج، عن محمد بن المنكدر، عن خزيمة بن ثابت.
ورواه المنكدر بن محمد، عن أبيه، عن خزيمة بن معمر. انتهى.
والمنكدر بن محمد مختلف فيه فقال الإمام أحمد: "ثقة" وقال ابن معين: "ليس به بأس" وضعّفه النسائي والجوزجاني والعجلي.
وقال أبو زرعة: "ليس بقوي" وقال أبو حاتم: "كان رجلًا صالحًا لا يفهم الحديث، وكان كثير الخطأ".
وأما ما روي عن الزهري أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "ما أدري أعزير نبيًا كان أم لا، وتبع لعينا كان أم لا، والحدود كفارات لأهلها أم لا" فهذا صحيح مرسلًا.
رواه البخاري في التاريخ الكبير (١/ ١٥٢) قال: قال لي عبد الله بن محمد، حدثنا هشام قال: حدثنا معمر، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري فذكره.
ورواه أبو داود (٤٦٧٤) من طريق عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة مرفوعًا: "ما أدري أتبع لعين هو أم لا؟ ما أدري أعزير نبي هو أم لا؟ " ولم يذكر فيه: "الحدود كفارات لأهلها".
ورواه أيضا الحاكم (١/ ٩٢) من طريق عبد الرزاق وذكر فيه: "ما أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا".
قال البخاري: "والأول أصح، ولا يثبت هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "الحدود كفارة" وكذا رجح الإرسال غير واحد من أهل العلم، لأن هشاما وهو ابن يوسف الصنعاني أوثق وأضبط من عبد الرزاق. سئل أبو حاتم الرازي عن هشام وعبد الرزاق ومحمد بن ثور فقال: كان هشام أكبرهم وأحفظهم وأتقن. الجرح والتعديل (٩/ ٧١).
فكان ترجيح البخاري للإرسال من وجهين:
أحدهما: مخالفته للحديث الصحيح.
والثاني: هشام بن يوسف الصنعاني أوثق من عبد الرزاق وسيأتي مزيد من الكلام في أخبار