رجلين من أصحابه يقول أحدهما لصاحبه: انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه فلم تدعه نفسه حتى رُجِمَ رجْمَ الكلب. فسكت عنهما ثم سار ساعة حتى مرَّ بجيفة حمار شائل برجله. فقال:"أين فلانٌ وفلانُ؟ ". فقالا: نحن ذانِ يا رسول الله. قال:"انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار". فقالا: يا نبيَّ الله، من يأكل من هذا؟ قال:"فما نلتما من عرض أخيكما آنفا أشد من أكلٍ منه، والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينقم فيها" فهو ضعيف: رواه أبو داود (٤٤٢٨) والدارقطني (٣/ ١٩٦ - ١٩٧) والبيهقي (٨/ ٢٢٨) وابن الجارود (٨١٤) وصحّحه ابن حبان (٤٣٩٩) كلهم من حديث ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير، أن عبد الرحمن بن الصامت بن عم أبي هريرة أخبره أنه سمع أبا هريرة فذكره.
وعبد الرحمن بن الصامت، وقيل: ابن هضاض الدوسي لم يرو عنه غير ابن جريج، ولم يوثقة أحد إلا أن ابن حبان ذكره في ثقاته (٥/ ٩٧) وأخرج حديثه في صحيحه على قاعدته في توثيق المجاهيل. وقد قال البخاري: لا يعرف إلا بهذا الحديث.
• عن جابر بن عبد الله أن رجلًا من أسلم، أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد فقال: إنه قد زنى، فأعرض عنه، فتنحّى لشقّه الذي أعرض، فشهد على نفسه أربع شهادات، فدعاه فقال:"هل بك جنون؟ هل أحصنت؟ " قال: نعم. فأمر به أن يرجم بالمصلي. فلما أذلقته الحجارة جمز، حتى أدرك بالحرة فقُتل.
متفق عليه: رواه البخاري في الطلاق (٥٢٧٠) ومسلم في الحدود (١٦٩١) كلاهما من حديث ابن شهاب، قال: أخبرني أبو سلمة، عن جابر فذكره.
ورواه البخاري في الحدود (٦٨٢٠) من حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر وزاد فيه: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خيرًا وصلى عليه" وقال: ولم يقل يونس وابن جريج عن الزهري: "فصلى عليه" وسئل أبو عبد الله (البخاري) قوله: "فصلى عليه" يصح أم لا؟ قال: رواه معمر، قيل له: هل رواه غير معمر؟ قال: لا. انتهى.
قلت: حديث عبد الرزاق في مصنفه (١٣٣٣٧) ومن طريقه رواه مسلم إلا أنه لم يسق لفظه بل قال: نحو رواية عقيل، عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة. وليس في حديث أبي هريرة ذكر الصلاة. ورواه أيضا أبو داود (٤٤٣٠) والترمذي (١٤٢٩) والنسائي (٤/ ٦٢ - ٦٣) وغيرهم كلهم قالوا: "ولم يصل عليه".
فذكر الصلاة في صحيح البخاري يرجع إلى اختلاف نسخ مصنف عبد الرزاق، والصحيح أنه لم يصل عليه، لأن جماعة من الرواة عن عبد الرزاق لم يذكروا الصلاة عليه، وخالفهم محمود بن غيلان الذي روى عنه البخاري فذكر الصلاة. انظر أسماء هؤلاء الجماعة في الفتح (١٢/ ١٣٠).
وأما ما روي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف الأنصاري الصلاة عليه فهو شاذ منقطع. وقوله