قال: فما أوثقناه ولا حفرنا له. قال: فرميناه بالعظم والمدر والخزف. قال: فاشتد واشتددنا خلفه، حتى أتى عرض الحرة فانتصب لنا، فرميناه بجلاميد الحرة (يعني الحجارة) قال: ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطيبا من العشي فقال:"أو كلما انطلقنا غزاة في سبيل الله، تخلف رجل في عيالنا، له نبيب كنبيب التيس، عليّ أن لا أوتي برجل فعل ذلك إلا نكلت به" قال: فما استغفر له ولا سبه.
صحيح: رواه مسلم في الحدود (٢٠: ١٦٩٤) عن محمد بن المثنى، حدثني عبد الأعلى، حدثنا داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، فذكره.
وفي رواية لأبي داود (٤٤٣٢) عن أبي نضرة مرسلًا: ذهبوا يسبونه فنهاهم، قال: ذهبوا يستغفرون له فنهاهم. وقال:"هو رجل أصاب ذنبًا حسيبه الله".
فقه الباب: دل حديث بريدة بن الحصيب السابق على مشروعية الحفر للمرجوم والمرحومة، وبذلك ترجم له البيهقي في "السنن الكبري"(٨/ ٥٥ - ٥٦) وقال: "وفي هذا إثبات الحفر للرجل والمرأة جميعًا".
واستظهره الشوكاني في نيل الأوطار (٤/ ٥٦٠) وأجاب عن حديث أبي سعيد الخدري في قوله: "فما أوثقناه، ولا حفرنا له" بقوله: "وقد جمع بين الروايتين بأن المنفي حفيرة لا يمكنه الوثوب منها، والمثبت عكسه، أو أنهم لم يحفروا له أول الأمر، ثم لما فرّ فأدركوه حفروا له حفيرة فانتصب فيها حتى فرغوا منه، أو أنهم حفروا له في أول الأمر، ثم لما وجد مس الحجارة خرج من الحفر فتبعوه" قال: "وعلى فرض عدم إمكان الجمع، فالواجب تقديم رواية الإثبات على النفي".
قال:"وذهب أبو حنيفة والشافعي إلى أنه لا يحفر للرجل" قال: "والمشهور عن الأئمة (يعني مالكًا والشافعي وأحمد): "أنه لا يحفر مطلقًا".
• عن أبي أمامة قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، ونحن قعود معه، إذ جاء رجل فقال: يا رسول الله، إني أصبت حدًّا فأقمه عليّ، فسكت عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقيمت الصلاة، فلما انصرف نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو أمامة: فاتّبع الرجلُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين انصرف. واتبعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنظر ما يرد على الرجل، فلحق الرجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إني أصبت حدا فأقمه علي. قال أبو أمامة: فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أرأيت حين خرجت من بيتك، أليس قد توضأت فأحسنت الوضوء؟ " قال: بلى يا رسول الله! قال: "ثم شهدت الصلاة معنا؟ " فقال: نعم يا رسول الله. قال: فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فإن الله قد غفر لك حدك أو قال: ذنبك".