رواه أبو داود (٤٤١٤) والترمذي (١٤٥٥) وابن ماجه (٢٥٦١) وأحمد (٢٤٢٠) والدارقطني (٣/ ١٢٦/ ١٢٧) والحاكم (٤/ ٣٥٥) والبيهقي (٨/ ٢٣٣) كلهم من حديث عمرو بن أبي سلمة، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
وزاد بعضهم: قيل لابن عباس: ما شأن البهيمة؟ قال: ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك شيئًا، ولكن أرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كره أن يؤكل من لحمها، أو ينتفع بها، وقد عُمل بها ذلك العمل.
وفيه عمرو بن أبي عمرو مختلف فيه، فوثقه أحمد وأبو زرعة وقال أبو حاتم: "لا بأس به، وقد روى عنه مالك". وقال ابن عدي: "لا بأس به، لأن مالكًا روى عنه، ولا يروي مالك إلا عن صدوق ثقة" وقلت: ولكن تكلم أهل العلم في روايته حديث البهيمة.
فقال البخاري: "عمرو صدوق، ولكهـ روي عن عكرمة مناكير، ولم يذكر في شيء من ذلك أنه سمعتُ من عكرمة" وقال: "ليس هذا بالقوي".
ثم روى أحمد بن يونس، أن شريكًا وأبا الأحوص وأبا بكر بن عياش حدثوهم، عن عاصم، عن أبي رزين، عن ابن عباس قال: "ليس على الذي يأتي البهيمة حد". وعاصم هو ابن بهدلة.
قال أبو داود: "حديث عاصم يضعّف حديث عمرو بن أبي عمرو".
وقال الترمذي: "هذا الحديث لا نعرفه إلا من حديث عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد روي سفيان الثوري، عن عاصم، عن أبي رزين، عن ابن عباس أنه قال: من أتي بهيمة فلا حد عليه. وقال: "وهذا أصح من الحديث الأول".
قلت: تبين من هذا أن حديث عمرو بن أبي عمرو يُضعف من وجهين:
الأول: تفرده عن عكرمة.
الثاني: مخالفة عاصم بن بهدلة له، فإنه روي عن ابن عباس من قوله في الحد على من أتى البهيمة. فلو كان هذا الحديث عن ابن عباس لما خالفه.
ولهذا لم يأخذ أحد من الفقهاء بهذا الحديث، وخاصة منهم الأئمة الأربعة: أبو حنيفة ومالك والشافعي في أحد قوليه وأحمد. وإنما قالوا فيه بالتعزير. وروي ذلك عن عطاء، والشعبي، والنخعي، والحاكم وغيرهم.
والقول الثاني عند الشافعي: حكمه حكم الزاني.
وفي معناه أحاديث أخرى وكلها ضعيفة.
وقد نصر البيهقي قول الشافعي هذا فقال: "وقد رويناه من أوجه عن عكرمة، ولا أدري عمرو بن أبي عمرو يقصر عن عاصم بن بهدلة في الحفظ، كيف وقد تابعه على روايته جماعة، وعكرمة عند أكثر الأئمة من الثقات الأثبات". انتهى.
هكذا قال رحمه الله بأن هذا الحديث روي عن عكرمة من أوجه، ونص الترمذي بأنه لا يروي