طالب قال فذكره. قوله: "لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنّه" أي لم يقدر فيه حدًّا مقدرًا.
قال النووي: "واختلف العلماء في قدر حدّ الخمر، فقال الشافعي وأبو ثور وداود وأهل الظاهر وآخرون: حده أربعون ....
ونقل القاضي (يعني عياضًا) عن الجمهور من السلف والفقهاء منهم: مالك وأبو حنيفة والأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق أنهم قالوا: حدّه ثمانون.
واحتجوا بأنه الذي استقر عليه إجماع الصحابة، وأن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن للتحديد، ولهذا قال في الرواية الأولى: "نحو أربعين".
وحجة الشافعي وموافقيه أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما جلد أربعين، كما صرح به في الرواية الثانية.
وأما زيادة عمر فهي تعزيرات، والتعزير إلى رأي الإمام إن شاء فعله وإن شاء تركهـ بحسب المصلحة في فعله وتركهـ .. " اهـ شرح النووي (١١/ ٢١٦).
وهو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية. فقال في "منهاج السنة النبوية" (٦/ ٨٣): وقد تنازع علماء المسلمين في الزائد عن الأربعين إلى الثمانين هل هو حد يجب إقامته أو تعزير يختلف باختلاف الأحوال على قولين مشهورين هما روايتان عن أحمد أحدهما: أنه حد لأن أقل الحدود ثمانون وهو حد القذف، وادعى أصحاب هذا القول أن الصحابة أجمعت على ذلك، وأن ما نقل من الضرب أربعين كان بسوط له طرفان فكانت الأربعون قائمة مقام الثمانين وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك وغيرهما.
والثاني: أن الزائد على الأربعين جائز فليس بحد واجب وهو قول الشافعي واختاره أبو بكر وأبو محمد وغيرهما وهذا القول أقوى. ثم استدل لذلك بحديث علي في صحيح مسلم، وحديث أنس في الصحيحين" انتهى.
• عن عبد الرحمن بن أزهر قال: أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بشارب وهو بحنين، فحثا وجهه في التراب، ثم أمر أصحابه فضربوه بالنعال، وما كان في أيديهم. حتى قال لهم: "ارفعوا" فرفعوا. فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم جلد أبو بكر في الخمر أربعين، ثم جلد عمر أربعين صدرًا من إمارته، ثم جلد عثمان ثمانين في آخر خلافته، ثم جلد عثمان الحدين كليهما: ثمانين وأربعين. ثم أثبت معاوية الحد ثمانين.
حسن: رواه أبو داود (٤٤٨٨) عن ابن السرح (وهو أحمد بن عمرو بن السرح) قال: وجدت في كتاب خالي عبد الرحمن بن عبد الحميد، عن عقيل أن ابن شهاب أخبره، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أزهر، أخبره عن أبيه فذكر الحديث.
ومن هذا الوجه رواه أيضا النسائي في الكبرى (٥٢٨٣) إلى قوله: "فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلك سنة".
وعبد الله بن عبد الرحمن بن أزهر، لم يوثقه غير ابن حبان. ولذا قال فيه الحافظ: "مقبول"