وزاد أبو داود، وأحمد، والحاكم حديثا آخر وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أقرُّوا الطير على مكانتها". وقال الحاكم: صحيح الإسناد. إلا أن الأئمة حكموا على رواية سفيان هذه بالوهم.
فقد قال الإمام أحمد في مسنده عقب حديث هذا - وكان قد ساق له حديثين آخرين بالإسناد نفسه - قال: "سفيان يهِمُ في هذه الأحاديث، عبيد الله سمعها من سباع بن ثابت".
وكذلك قال أبو داود السجستاني عقب حديث حماد بن زيد: "هذا هو الحديث، وحديث سفيان وهمٌ". وفي نسخة الحافظ المزي كما في تحفة الأشراف (١٣/ ٩٩) قال: "هذا الحديث هو الصحيح، وحديث سفيان خطأ". انظر مزيدا من التخريج في المنة الكبرى (٤/ ٥٢٥).
• عن أسماء بنت يزيد، عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "العقيقة عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة".
حسن: رواه الإمام أحمد (٢٧٥٨٢)، والطبراني (٢٤/ ٤٦١) من طريق إسماعيل بن عياش، عن ثابت بن عجلان، عن مجاهد، عن أسماء فذكرته.
ورواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٣٣٥٣) من طريق إسماعيل بن عياش به بلفظ: "العقيقة حقٌّ عن الغلام ... ".
وإسناده حسن من أجل ثابت بن عجلان الحمصي فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إذا لم يخالف. ومن أجل إسماعيل بن عياش أيضا فهو صدوق إذا حدث عن أهل بلده وهذه منها.
• عن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرهم عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة.
حسن: رواه الترمذي (١٥١٣)، وابن ماجه (٣١٦٣)، وأحمد (٢٤٠٢٨) وصححه ابن حبان (٥٣١٠) كلهم من طريق عبد الله بن عثمان بن خُثيم، عن يوسف بن ماهك أنهم دخلوا على حفصة بنت عبد الرحمن فسألوها عن العقيقة فأخبرتهم أن عائشة أخبرتها فذكرته.
وإسناده حسن من أجل ابن خثيم فإنه حسن الحديث.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقوله: "مكافئتان" أي متساويان في السنّ، وقيل: متقاربتان، وسبق في إحدى طرق حديث أم كرز أن عطاء فسّره بالمِثْلَين.
وفي هذه الأحاديث حجة للجمهور في التفرقة بين الغلام والجارية.
وقال مالك في الموطأ (٢/ ٥٠٢): "الأمر عندنا في العقيقة أن من عقَّ فإنما يعق عن ولده بشاةٍ شاةٍ الذكور والإناث". وروي مثل ذلك من فعل ابن عمر، وعروة بن الزبير.
والصواب ما عليه جمهور العلماء في المفاضلة بين الذكور والإناث في العقيقة.
قال الحافظ ابن القيم في تحفة المودود ص (١١٥): "وهذه قاعدة الشريعة فإن الله تعالى