وقوله: "الجلّالة الجلالة من الحيوان التي تأكل الجِلّة والعذرة.
والجلة: البعر فاستعير ووُضع موضع العذرة.
وقال ابن حبان: الجلالة ما كان الغالب على علفها القذارة، فإذا كان الغالب على علفها الأشياء الطاهرة الطيبة لم تكن بجلالة. الإحسان (١٢/ ٢٢١).
وقال الخطابي: "هي الإبل التي تأكل الجلّة، وهي العَذِرة، كره أكل لحومها وألبانها تنزّهًا وتنظّفًا، وذلك أنها إذا اغتذتْ بها وُجدَ نتنُ رائحتها في لحومها، وهذا إذا كان غالب علفها منها، أما إذا رعت الكلأ، واعتلفت الحبّ، وكانت تنال من ذلك شيئا من الجلّة فليستْ بجلالة، وإنما هي كالدجاج ونحوها من الحيوان الذي ربما نال الشيء منها، وغالب غذائه وعلفه من غيرها فلا يكره أكله".
قال: "واختلف الناس في أكل لحوم الجلالة وألبانها فكره ذلك أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وأحمد بن حنبل وقالوا: لا تؤكل حتى تُحبس أيامًا، وتعلف علفًا غيرها، فإذا طاب لحمها فلا بأس بأكله.
وقد روي في حديث أن البقر تعلف أربعين يومًا، ثم يؤكل لحمها، وكان ابن عمر - رضي الله عنه - يحبس الدجاجة ثلاثًا ثم يذبحها.
وقال إسحاق بن راهويه: لا بأس أن يؤكل لحمها بعد أن يغسل غسلًا جيدًا، وكان الحسن البصري لا يرى بأسًا بأكل لحوم الجلالة، وكذلك قال مالك بن أنس". انتهى كلام الخطابي.
قلت: مع هذا الكلام الجيد فإن أكل الجلالة قد يؤدي إلى الإصابة بالأمراض لوجود الجرائم في لحمها، وقد تظهر هذه الأمراض كالوباء، وهي من الحكمة النبوية في النهي عن أكل لحومها وشرب ألبانها.
• عن ابن عباس قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن لبن الجلّالة.
صحيح: رواه أبو داود (٣٧٨٦)، والترمذي (١٨٢٥)، وابن ماجه (١٨٢٥)، والنسائي (٤٤٤٨)، وأحمد (١٩٨٩، ٢١٦١، ٢٦٧١) وصححه ابن حبان (٥٣٩٩) والحاكم (٢/ ١٠٢) كلهم من طريق قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
واللفظ لأبي داود اختصره، وزاد غيره النهي عن المجثمة، وعن الشرب من في السقاء إلا الحاكم فذكره بلفظ: "عن ركوب الجلالة " بدل "لبن الجلالة" من رواية سعيد بن أبي عروبة كما في المسند، وصحيح ابن حبان، ومن رواية هشام الدستوائي كما في السنن والمسند، وسعيد وهشام أثبت الناس في قتادة، فلو خالف أحدهما حمادا لكان القول قولهما فكيف إذا اجتمعا، وعليه فالصحيح في هذا الحديث رواية من قال: "وعن لبن الجلالة". وأما "عن ركوبها" فشاذٌّ.
• عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المجثمة والجلالة.