تجترئ على سلطان الله، فهلا خشيت أن يقتلك السلطان، فتكون قتيل سلطان الله تبارك وتعالى.
حسن: رواه أحمد (١٥٣٣٣) عن أبي المغيرة، حدثنا صفوان، حدثنا شريح بن عبيد الحضرمي وغيره .. فذكروه.
قال الهيثمي في المجمع (٥/ ٢٢٩): "رواه أحمد ورجاله ثقات، إلا أني لم أجد لشريح من عياش وهشام سماعا وإن كان تابعيا".
قلت: ذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٦/ ٤٠٧) عن أبيه في ترجمة عياض بن غنم أنه ممن روى عنه شريح بن عبيد. ولم يعرف شريح بالتدليس، فمثله يُحمل على الاتصال.
وقد روي أن الواسطة بين شريح وعياض بن غنم جبير بن نفير وفي إسناده مقال. وللحديث طرق أخرى في السنة لابن أبي عاصم (١١٣٢)، والمستدرك (٣/ ٢٩٠)، والبيهقي (٨/ ١٦٤) وهي لا تخلو من مقال، لكن بعضد بعضها بعضا وهذا رسم الحديث الحسن.
ومنهج أهل السنة والجماعة مناصحة ولاة الأمراء سرا ولا يكون ذلك على المنابر والمجامع.
فقد كان الصحابة ينصحون الولاة سرا، وقد قيل لأسامة بن زيد: ما يمنعك أن تدخل على عثمان، فتكلمه فيما يصنع؟ ، فقال أسامة: إنكم لترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم، إني أكلمه في السر دون أن أفتح بابا لا أكون أول من فتحه. رواه البخاري (٣٢٦٧)، ومسلم (٢٩٨٩).
وقال سعيد بن جُمهان لعبد الله بن أبي أوفى: إن السلطان يظلم الناس، ويفعل بهم. قال سعيد: فتناول يدي فغمزها بيده غمزة شديدة ثم قال: ويحك يا ابن جُمهان عليك بالسواد الأعظم، عليك بالسواد الأعظم - يعني جماعة المسلمين - إنْ كان السلطان يسمع منك فأْته في بيته، فأخبره بما تعلم. فإن قبل منك وإلا فدَعْهُ فإنك لست بأعلم منه. رواه أحمد (١٩٤١٥) بإسناد حسن.
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: "ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة، وذكر ذلك على المنابر؛ لأن ذلك يفضي إلى الانقلابات، وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخروج الذي يضر ولا ينفع، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير.
وإنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل، فينكر الزنى وينكر الخمر وينكر الربا من دون ذكر من فعله، ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير ذلك أن فلانا يفعلها لا حاكم ولا غير حاكم.
ولما وقعت الفتنة في عهد عثمان قال بعض الناس لأسامة بن زيد - رضي الله عنه - ألا تنكر على عثمان؟ ، قال: أُنكر عليه عند الناس؟ لكن أنكر عليه بيني وبينه، ولا أفتح باب شر على الناس.
ولما فتحوا الشر في زمن عثمان - رضي الله عنه - وأنكروا على عثمان جهرة تمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم، حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية، وقتل عثمان وعلي