عن أبي بكر الصديق".
قلت: هو يقصد به ما روي في معناه كما في أحاديث الصحيحين التي ليس فيها التصريح، ولكن فيها تلميح ولذا لم يخرج أحد من الشيخين بلفظ: "الأئمة من قريش" لأنه ليس على شرطهما.
وأما ما روي عن عبد الله بن أبي الهذيل قال: كان ناس من ربيعة عند عمرو بن العاص فقال رجل من بكر بن وائل: لتنتهين قريش أو ليجعلن الله هذا الأمر في جمهور من العرب غيرهم فقال عمرو بن العاص: كذبت، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "قريش ولاة الناس في الخير والشر إلى يوم القيامة".
فإسناده قوي غير أن قوله: "إلى يوم القيامة" غير محفوظ.
رواه الترمذي (٢٢٢٧)، وأحمد (١٧٨٠٨) كلاهما من طريق شعبة، عن حبيب بن الزبير، قال: سمعت عبد الله بن أبي الهذيل قال .. فذكره. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب".
وكذلك لا يصح ما روي عن عتبة بن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الخلافة في قريش، والحكم في الأنصار، والدعوة في الحبشة، والهجرة في المسلمين والمهاجرين بعد".
رواه أحمد (١٧٦٥٤)، وابن أبي عاصم في السنة (١١٤٨)، والطبراني في الكبير (١٧/ ١٢١) كلهم من طرق عن إسماعيل بن عياش، ثنا ضمضم بن زرعة - هو الحمصي - عن شريح بن عبيد، عن كثير بن مرة، عن عتبة بن عبد قال .. فذكره.
وفيه إسماعيل بن عياش روايته عن أهل بلده مستقيمة وهذه منها، ولكنه تفرد بهذا السياق من المتن ولم يتابع عليه كما أن في السند شيخه ضمضم بن زرعة مختلف فيه فضعفه أبو حاتم وغيره، ولعل هذه الرواية من أوهامه. والله أعلم.
وبمعناه روي أيضا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الملك في قريش والقضاء في الأنصار، والأذان في الحبشة، والأمانة في الأزد يعني اليمن". إلا أنه مرسل.
رواه الترمذي (٣٩٣٦)، وابن أبي شيبة (٣٣٠٦٢)، وأحمد (٨٧٦١) كلهم من حديث زيد بن حباب، ثنا معاوية بن صالح، ثنا أبو مريم الأنصاري، عن أبي هريرة قال .. فذكره مرفوعا.
وهذا لفظ الترمذي، وعند ابن أبي شيبة: "والسرعة في اليمن" بدل "والأمانة في الأزد". وعند أحمد الجمع بينهما: "والأذان في الحبشة، والسرعة في اليمن" وقال زيد مرة يحفظه: "والأمانة في الأزد" والحديث هكذا رواه زيد بن حباب مرفوعا من مسند أبي هريرة.
وخالفه عبد الرحمن بن مهدي: فرواه عن معاوية بن صالح، عن أبي مريم الأنصاري عن أبي هريرة نحوه ولم يرفعه. أخرج حديثه الترمذي (٣٩٣٦/ م) وقال: "هذا أصح من حديث زيد بن حباب".