الناس على عبد الرحمن يشاورونه تلك الليالي، حتى إذا كانت الليلة التي أصبحنا منها، فبايعنا عثمان.
قال المسور: طرقني عبد الرحمن بعد هجع من الليل، فضرب الباب حتى استيقظت فقال: أراك نائما، فوالله ما اكتحلت هذه الليلة بكبير نوم، انطلق، فادع الزبير وسعدًا فدعوتهما له فشاورهما، ثم دعاني فقال: ادع لي عليا، فدعوته، فناجاه حتى ابهار الليل، ثم قام على من عنده وهو على طمع، وقد كان عبد الرحمن يخشي من علي شيئًا، ثم قال: ادع لي عثمان، فدعوته، فناجاه حتى فرق بينهما المؤذن بالصبح، فلما صلى للناس الصبح، واجتمع أولئك الرهط عند المنبر، فأرسل إلى من كان حاضرًا من المهاجرين والأنصار، وأرسل إلى أمراء الأجناد، وكانوا وافوا تلك الحجة مع عمر، فلما اجتمعوا تشهّد عبد الرحمن، ثم قال: أما بعد! يا علي، إني قد نظرت في أمر الناس، فلم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعلنَّ على نفسك سبيلا، فقال: أبايعك على سنة الله ورسوله، والخليفتين من بعده، فبايعه عبد الرحمن، وبايعه الناس المهاجرون، والأنصار، وأمراء الأجناد، والمسلمون".
صحيح: رواه البخاري في الأحكام (٧٢٠٧) عن عبد الله بن محمد بن أسماء حدثنا جويرية، عن مالك، عن الزهري، أن حميد بن عبد الرحمن، أخبره أن المسور بن مخرمة أخبره .. فذكره.
• عن عمرو بن ميمون قال: فلما قبض - يعني عمر بن الخطاب - خرجنا به، فانطلقنا نمشي، فسلم عبد الله بن عمر قال: يستأذن عمر بن الخطاب قالت: أدخلوه، فأدخل، فوضع هنالك مع صاحبيه، فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط فقال عبد الرحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، فقال الزبير: قد جعلت أمري إلى علي، فقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف فقال عبد الرحمن: أيكما تبرأ من هذا الأمر، فنجعله إليه، والله عليه والإسلام، لينظرن أفضلهم في نفسه، فأسكت الشيخان، فقال عبد الرحمن: أفتجعلونه إلي، والله على أن لا آل عن أفضلكم؟ قالا: نعم فأخذ بيد أحدهما، فقال: لك قرابة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والقدم في الإسلام ما قد علمت، فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن، ولئن أمرت عثمان، لتسمعن ولتطيعن، ثم خلا بالآخر، فقال له: مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان، فبايعه فبايع له علي، وولج أهل الدار فبايعوه.