فبتنا عليه، فأصابنا برد شديد، حتى رأيت من يحفر في الأرض حفرة يدخل فيها، يلقي عليه الحجفة يعني الترس، فلما رأى ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الناس، نادى:"من يحرسنا في هذه الليلة؟ ، وأدعو له بدعاء يكون فيه فضل" فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله، فقال:"ادنه" فدنا فقال: "من أنت؟ " فتسمى له الأنصاري، ففتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالدعاء، فأكثر منه قال أبو ريحانة: فلما سمعت ما دعا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت:"أنا رجل آخر"، فقال:"ادنه" فدنوت فقال: "من أنت؟ " قال: فقلت: أنا أبو ريحانة فدعا بدعاء هو دون ما دعا للأنصاري ثم قال: "حرمت النار على عين دمعت أو بكت من خشية الله، وحرمت النار على عين سهرت في سبيل الله" وقال: "حرمت النار على عين أخرى ثالثة" لم يسمعها محمد بن سمير".
رواه أحمد (١٧٢١٣) - والسياق له - والنسائي (٣١١٧)، وصحّحه الحاكم (٢/ ٨٣)، وعنه البيهقي (٩/ ١٤٩) من طرق عن عبد الرحمن بن شريح، عن محمد بن سُمير الرعيني، عن أبي علي الجنبي - وقيل: التجيبي - عن أبي ريحانة .. فذكره. ورواية النسائي مختصرة جدًّا. وزاد الحاكم والبيهقي: قال أبو شريح - وهو عبد الرحمن بن شريح - وسمعت بعد أنه قال: "حرمت النار على عين رغضت عن محارم الله، أو عين فُقئت في سبيل الله".
وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
قلت: في إسناده محمد بن سُمير ويقال: شمير بالشين المعجمة لم يرو عنه سوى عبد الرحمن بن شريح كما قال الذهبي في الميزان (٣/ ٥٨٠ - ٥٨١)، ولم يوثقه أحد إلا أن ابن حبان ذكره في ثقاته (٧/ ٣٩٨) ولذا قال الحافظ في التقريب: "مقبول" أي عند المتابعة ولم أجد له متابعا. وأبو علي الجنبي هو عمرو بن مالك الهمداني ثقة.
وأما ما روي عن عقبة بن عامر الجهني مرفوعا: "رحم الله حارس الحرس". فضعيف. رواه ابن ماجه (٢٧٦٩)، والدارمي (٢٤٤٥) كلاهما من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن محمد بن زائدة، عن عمر بن عبد العزيز، عن عقبة بن عامر الجهني .. فذكره.
قال الدارمي عقبه: عمر بن عبد العزيز لم يلق عقبة بن عامر.
وقال البوصيري: "هذا إسناد ضعيف"، صالح بن محمد ضعفه ابن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والبخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن عدي، وغيرهم". مصباح الزجاجة (٣/ ١٥٧).
ورواه الحاكم (٢/ ٨٦) من طريق محمد بن صالح بن قيس الأزرق، عن صالح بن محمد بن زائدة، عن عمر بن عبد العزيز، عن أبيه، عن عقبة بن عامر .. فذكره. وقال: صحيح الإسناد.
قلت: فيه صالح بن محمد بن زائدة، وهو ضعيف كما تقدم، ثم إن العقيلي ذكر في ترجمة يحيى بن راشد السماك الاختلاف في إسناده، وقال بأولوية رواية من روى بدون ذكر أبيه بين عمر بن عبد العزيز وعقبة بن عامر، وذكر ابن حجر في ترجمة قيس بن الحارث من بني تميم من