للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: "أي فُلْ" ترخيم من فلان.

وقوله: "ذاك الذي لا توى عليه" أي لا ضياع، ولا خسارة وهو من التوى: الهلاك. قاله ابن الأثير.

• عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام على المنبر، فقال: "إنما أخشى عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من بركات الأرض"، ثم ذكر زهرة الدنيا، فبدأ بإحداهما وثنى بالأخرى، فقام رجل فقال: يا رسول الله، أويأتي الخير بالشر؟ فسكت عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، قلنا: يوحى إليه وسكت الناس كأن على رءوسهم الطير، ثم إنه مسح عن وجهه الرحضاء، فقال: "أين السائل آنفا؟ أو خير هو، - ثلاثا -، إدن الخير لا يأتي إلا بالخير، وإنه كلما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم إلا آكلة الخضر كلما أكلت، حتى إذا امتلأت خاصرتاها استقبلت الشمس، فثلطت وبالت ثم رتعت، وإن هذا المال خضرة حلوة، ونعم صاحب المسلم لمن أخذه بحقه فجعله في سبيل الله واليتامى والمساكين وابن السبيل، ومن لم يأخذه بحقه فهو كالآكل الذي لا يشبع، ويكون عليه شهيدًا يوم القيامة".

متفق عليه: رواه البخاري في الجهاد والسير (٢٨٤٢)، ومسلم في الزكاة (١٠٥٢: ١٢٣) كلاهما من طريق هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري .. فذكره.

وقوله: "حبطا" الحبط أن تستكثر الماشية من المرعى حتى تنتفخ بطونها، وتربو فربما كان في ذلك هلاكها.

وقوله: "يلم" أي يقارب الهلاك.

قال الأزهري: "هذا الخبر إذا تدبر لم يكد يفهم، وفيه مثلان فضرب أحدهما للمفرط في جمع الدنيا ومنعها من حقها، وضرب الآخر للمقتصد في أخذها والانتفاع بها، فإن قوله: وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا" فهو مثل للمفرط الذي يأخذها بغير حق، وذلك أن الربيع ينبت أحرار البقول والعشب، فتستكثر منها الماشية حتى تنتفخ بطونها لما جاوزت حد الاحتمال، فتنشق أمعاؤها وتهلك، كذلك الذي يجمع الدنيا من غير حلها، ويمنع ذا الحق حقه يهلك في الآخرة بدخوله النار. وأما مثل المقتصد فقوله - صلى الله عليه وسلم - "إلا آكلة الخضر ... " إلى آخره وذلك أن آكلة الخضر ليست من أحرار البقول التي ينبتها الربيع لكنها من الجنبة التي ترعاها المواشي بعد هيج البقول. فضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - آكلة الخضر من المواشي مثلا أسمن يقتصد في أخذه الدنيا وجمعها، ولا يحمله الحرص على أخذها بغير حقها فهو ينجو من وبالها كما نجت آكلة الخضرة" الخ. انظر: الديباج للسيوطي.

<<  <  ج: ص:  >  >>