وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.
قلت: في إسناده صالح بن محمد بن زائدة مختلف فيه والجمهور على تضعيفه، ولكن قال الإمام أحمد: ما أرى به بأسًا. وقال العجلي: يكتب حديثه.
وروى أبو داود (٢٧١٤) - ومن طريقه البيهقيّ (٩/ ١٠٣) - عن أبي صالح محبوب بن موسى الأنطاكي قال: أخبرنا أبو إسحاق عن صالح بن محمد قال: "غزونا مع الوليد بن هشام ومعنا سالم بن عبد الله بن عمر وعمر بن عبد العزيز فغل رجل متاعا، فأمر الوليد بمتاعه، فأحرق وطيف به، ولم يعطه سهمه".
قال أبو داود: وهذا أصح الحديثين، رواه غير واحد أن الوليد بن هشام أحرق رحل زياد شغر وكان قد غل وضربه. قال أبو داود: شَغر لقبه.
وفي معناه ما رُوي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر حرقوا متاع الغالّ وضربوه، ومنعوه سهمه.
رواه أبو داود (٢٧١٥) من طريق موسى بن أيوب - وابن الجارود (١٠٨٢)، والحاكم (٢/ ١٣٠ - ١٣١)، والبيهقي (٩/ ١٠٢) من طريق عليّ بن بحر القطان - كلاهما عن الوليد بن مسلم، حَدَّثَنَا زهير بن محمد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. فذكره.
وليس في رواية موسى بن أيوب: "ومنعوا سهمه" إنّما هي في رواية عليّ بن بحر القطان.
وقال الحاكم: حديث غريب صحيح.
قلت: زهير بن محمد مجهول لم يرو عنه غير الوليد بن مسلم.
قال البيهقيّ: يقال: إن زهيرا هذا مجهول وليس بالمكي.
وذهب المزي في أطرافه إلى أنه زهير بن محمد التميمي وهو ثقة إِلَّا أن رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة كما قال البخاريّ. والوليد بن مسلم من أهل الشام.
والغالّ: هو الذي يكتم ما يأخذه من الغنيمة فلا يُطلع الإمام عليه ولا يضعه مع الغنيمة.
وأخذ بهذا الحديث الإمام أحمد وفقهاء الشام منهم مكحول والأوزاعي والوليد بن هشام ويزيد بن يزيد بن جابر، وأتي سعيد بن عبد الملك بغال، فجمع ماله وأحرقه وعمر بن عبد العزيز حاضر فلم يعبه.
وقال يزيد بن يزيد بن جابر: السنة في الذي يغل أن يحرق رحله. واستثنوا من ذلك المصحف وما فيه روح.
وقال مالك والشافعي وأصحاب الرأي: لا يحرق؛ لأن إحراق المتاع إضاعة له. وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال. انظر للمزيد: المغني (١٣/ ١٦٨).