وفي معناه ما رواه الشافعي في الأم (٤/ ١٧٤) عن مالك - هو في الموطأ (١/ ٢٧٨) - عن جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس، فقال: ما أدري كيف أصنع في أمرهم؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب".
قال الشافعي: منقطع يعني أن محمدًا لم يسمع من عمر بن الخطاب.
وأما ما روي عن ابن عباس قال: جاء رجل من الأسبذيين من أهل البحرين، وهم مجوس أهل هجر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمكث عنده، ثم خرج، فسألته ما قضى الله ورسوله فيكم قال: مُرّ. قلت: مه؟ قال: الإسلام أو القتل. قال: وقال عبد الرحمن بن عوف: قبل منهم الجزية. قال ابن عباس: فأخذ الناس بقول عبد الرحمن بن عوف وتركوا ما سمعت أنا من الأسبذي. فلا يصح.
رواه أبو داود (٣٠٤٤)، والدارقطني (٢/ ١٥٥)، والبيهقي (٩/ ١٩٠) من طريق هشيم، أخبرنا داود بن أبي هند، عن قشير بن عمرو، عن بجالة بن عبدة، عن ابن عباس قال .. فذكره.
وفي إسناده قُشير بن عمرو قال الدارقطني: مجهول، كما في الميزان.
قال البيهقي عقب الحديث المذكور: "نعم ما صنعوا تركوا رواية الأسبذي المجوسي، وأخذوا برواية عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - على أنه قد يحكم بينهم بما قال الأسبذي ثم يأتيه الوحي بقبول الجزية منهم، فيقبلها كما قال عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -. والله أعلم".
وفي الباب مما روي عن ابن عباس قال: مرض أبو طالب، فأتته قريش، وأتاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعوده، وعند رأسه مقعد رجل، فقام أبو جهل فقعد فيه فقالوا: إن ابن أخيك يقع في آلهتنا قال: ما شأن قومك يشكونك؟ قال: "يا عم، أريدهم على كلمة واحدة تدين لهم بها العرب وتؤدي العجم إليهم الجزية" قال: ما هي؟ قال: "لا إله إلا الله" فقاموا، فقالوا: أجعل الآلهة إلهًا واحدًا؟ قال ونزل: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} فقرأ حتى بلغ: {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: ١ - ٥].
رواه الترمذي (٣٢٣٢)، وأحمد (٢٠٠٨) وصحّحه ابن حبان (٦٦٨٦) والحاكم (٢/ ٤٣٢) كلهم من حديث الأعمش، عن يحيى بن عمارة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس .. فذكره في قصة طويلة.
قال الترمذي: حديث حسن. وصحّحه الحاكم.
قلت: في إسناده يحيى بن عمارة ويقال: ابن عباد ويقال: عبادة الكوفي لم يرو عنه غير الأعمش ولم يوثقه غير ابن حبان، ولذا قال الحافظ في التقريب: "مقبول" يعني عند المتابعة.
ورواه ابن جرير في تفسيره من طرق أحدها مرسل.
فالإسناد لا يخلو من كلام غير أن القصة اكتسبت شهرة في كتب التاريخ والسيرة. انظر: المنة الكبرى (٨/ ١٣٣).
اختلف أهل العلم فيمن تؤخذ منهم الجزية:
فذهب مالك إلى أنها تؤخذ من جميع الكفار والمشركين بناء على عموم الأدلة من السنة،