وهو يقصد ما رواه في التوحيد (٤٥) عن أبي موسى محمد بن المثنى، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُقبح الوجه فإن ابن آدم خُلق على صورة الرحمن".
والعلة الثانية: أن الأعمش مدلس ولم يذكر أنه سمعه من حبيب بن أبي ثابت.
والعلة الثالثة: أن حبيب بن أبي ثابت أيضا مدلس لم يُعلم أنه سمعه من عطاء.
وهذه العلل أجيب عنها بأجوبة علمية:
أن الأعمش إمام وزيادته في الإسناد مقبولة.
ومنها: أن تدليس الأعمش لا يقدح في الإسناد فإن الأئمة احتملوا تدليسه وأخرجه أصحاب الصحاح في كتبهم منهم ابن خزيمة نفسه.
ومنها: أن حبيب بن أبي ثابت ثقة حافظ فقيه، فإن سماعه عن ابن عمر ثابت فلو دلّس لحذف فيه عطاء، فذكر عطاء يدل على أنه لم يدلس فيه.
وأما تعليل ابن خزيمة فرده أكثر أهل العلم فقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن أبي الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي أنه قال عن هذا التأويل: "فأما تأويل من لم يتابعه عليه الأئمة فغير مقبول، وإن صدر ذلك التأويل عن إمام معروف غير مجهول نحو ما نُسب إلى أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة".
وقال قوام السنة الأصبهاني: "أخطأ محمد بن إسحاق بن خزيمة في حديث الصورة، ولا يُطعن عليه بذلك، بل لا يؤخذ عنه هذا فحسب".
وقال أيضا رحمه الله تعالى: "والكلام على هذا أن يقال: هذا الحديث لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير عائد إلى الله، فإنه مستفيض من طرق متعددة عن عدد من الصحابة، وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك".
وممن ذهب إلى تصحيح حديث "على صورة الرحمن" الحافظ الذهبي فقال في الميزان (٢/ ٤١٩ - ٤١٨) في ترجمة عبد الله بن ذكوان أبي الزناد: "قال يحيى بن معين: قال مالك: كان أبو الزناد كاتب هؤلاء - يعني بني أمية - وكان لا يرضاه - يعني لذلك". قال ابن عدي: أبو الزناد - كما قال يحيى: ثقة حجة. ولم أورد له حديثا لأن كلها مستقيمة.
وقال العقيلى في ترجمته: حدثنا مقدام بن داود، حدثنا الحارث بن مسكين، وابن أبي الغمر، قالا: حدثنا ابن القاسم، قال: سألت مالكا عمن يحدث بالحديث الذي قالوا: إن الله خلق آدم على صورته، فأنكر ذلك مالك إنكارًا شديدًا، ونهى أن يحدث به أحد.
فقيل له: إن أناسا من أهل العلم يتحدثون به؟ قال: من هم؟ قيل: ابن عجلان، عن أبي الزناد. فقال: لم يكن يعرف ابن عجلان هذه الأشياء، ولم يكن عالما، ولم يزل أبو الزناد عاملا