فقالت: لو ذهبت فنظرت لعلي أحس أحدًا، فذهبت فصعدت الصفا فنظرت ونظرت فلم تحس أحدًا، حتى أتمت سبعا ثم قالت: لو ذهبت فنظرت ما فعل، فإذا هي بصوت فقالت: أغث إن كان عندك خير، فإذا جبريل قال: فقال بعقبه هكذا، وغمز عقبه على الأرض قال: فانبثق الماء، فدهشت أم إسماعيل فجعلت تحفز.
قال: فقال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم -: "لو تركته كان الماء ظاهرًا" قال: فجعلت تشرب من الماء ويدر لبنها على صبيها. قال: فمر ناس من جرهم ببطن الوادي فإذا هم بطير، كأنهم أنكروا ذاك وقالوا: ما يكون الطير إلا على ماء، فبعثوا رسولهم فنظر، فإذا هم بالماء، فأتاهم فأخبرهم، فأتوا إليها فقالوا: يا أم إسماعيل أتأذنين لنا أن نكون معك - أو نسكن معك؟ - فبلغ ابنها فنكح فيهم امرأة. قال: ثم إنه بدا لإبراهيم فقال لأهله: إني مطلع تركتي. قال: فجاء فسلم فقال: أين إسماعيل؟ فقالت امرأته: ذهب يصيد. قال قولي له إذا جاء: غير عتبة بابك، فلما جاء أخبرته. قال: أنتِ ذاك، فاذهبي إلى أهلك. قال: ثم إنه بدا لإبراهيم فقال لأهله: إني مطلع تركتي قال: فجاء فقال: أين إسماعيل؟ فقالت امرأته: ذهب يصيد فقالت: ألا تنزل فتطعم وتشرب؟ فقال: وما طعامكم وما شرابكم؟ قالت: طعامنا اللحم وشرابنا الماء. قال: اللهم بارك لهم في طعامهم وشرابهم قال: فقال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم -: "بركة بدعوة إبراهيم" قال: ثم إنه بدا لإبراهيم فقال لأهله: إني مطلع تركتي، فجاء فوافق إسماعيل من وراء زمزم يصلح نبلا له فقال: يا إسماعيل، إن ربك أمرني أن أبني له بيتا قال: أطع ربك قال: إنه قد أمرني أن تعينني عليه قال: إذن أفعل أو كما قال. قال: فقاما فجعل إبراهيم يبني وإسماعيل يناوله الحجارة ويقولان: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[البقرة: ١٢٧] قال: حتى ارتفع البناء وضعف الشيخ عن نقل الحجارة، فقام على حجر المقام فجعل يناوله الحجارة ويقولان:{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}. [البقرة: ١٢٧].
صحيح: رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (٣٣٦٥) عن عبد الله بن محمد، حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو قال: حدثنا إبراهيم بن نافع، عن كثير بن كثير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس .. فذكره.
وهذا الحديث بعضه مرفوع صراحة، وبعضه موقوف على ابن عباس ولم يكن ابن عباس عنده سابق علم عن هذا التاريخ القديم فلعله أخذه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضا وإن لم يرفعه، ولكن قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (١/ ٣٦١): "وهذا الحديث من كلام ابن عباس وموشح برفع بعضه،