حديث يونس، عن الحسن، لم نكتبه إلا من هذا الوجه".
قلت: وفيه نوح بن محمد الأيلي قال الذهبي في "الميزان"روى عن الحسن بن عرفة حديثًا شبه موضوع".
وقال الحافظ في "اللسان": كلهم ثقات إلا نوحًا فلم أر من وثّقه، وقد روى هذا الحديث الحافظ ضياء الدين في "المختارة" من هذا الوجه، ومقتضاه على طريقته أنه حديث حسن".
وفي الباب أحاديث أخرى أشد ضعفًا من هذا.
فقول الحاكم في المستدرك (٢/ ٦٠٢): "وقد تواترت الأخبار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولد مختونًا مسرورًا" فيه نظر.
ولذا تعقبه الذهبي فقال: "ما أعلم صحة ذلك، فكيف متواترًا".
وقال ابن كثير في البداية والنهاية (١/ ٢٦٥): "وقد ادعى بعضهم صحته لما ورد له من الطرق حتى زعم بعضهم أنه متواتر وفي كله نظر".
وقال الذهبي في تاريخ الإسلام - السيرة النبوية - ص ٢٧ بعد أن ذكر حديث الوليد بن مسلم أن عبد المطلب ختن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم سابعه .. "وهذا أصح مما رواه ابن سعد .. أنه ولد مختونًا مسرورًا".
وقد رأيت في كل من هذه الأخبار في صحتها النظر، فالذي يرجح أن عبد المطلب ختن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم سابعه حريًّا لعادة العرب وهذا لا يحتاج إلى دليل.
وقال الحافظ ابن القيم في "تحفة المودود" ص ٣٤٥: وقد جاء في بعض الروايات أن جده عبد المطلب ختنه في اليوم السابع.
قال: وهو على ما فيه: أشبه بالصواب، وأقرب للواقع.
وقال في "زاده" (١/ ٨١): وقد اختلف في ختانه - صلى الله عليه وسلم - على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه ولد مختونًا مسرورًا.
ورُوي في ذلك حديث لا يصح. ذكره أبو الفرج بن الجوزي في الموضوعات. وليس فيه حديث ثابت. وليس هذا من خواصه، فإن كثيرًا من الناس يولد مختونًا.
والقول الثاني: أنه خُتن - صلى الله عليه وسلم - يوم شق قلبه الملائكة عند ظئره حليمة.
والقول الثالث: أن جده عبد المطلب ختنه يوم سابعه وصنع له مأدبة وسماه محمدًا. ثم قال رحمه الله: "وقد وقعت هذه المسألة بين رجلين فاضلين صنف أحدهما مصنفًا في أنه ولد مختونًا، وأجلب فيه من الأحاديث التي لا خِطام لها ولا زِمام، وهو كمال الدين بن طلحة، فنقضه عليه كمال الدين بن العديم، وبين فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - خُتِنَ على عادة العرب، وكان عموم هذه السُّنَّة للعرب قاطبة مغنيًا عن نقل معين فيها، والله أعلم".