للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إليه، فعرضت عليه أن يخرج في مالها تاجرًا إلى الشام، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار، مع غلام لها يقال له: ميسرة. فقبله منها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخرج في مالها ذلك، ومعه غلامها ميسرة، حتى قدم الشام، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ظل شجرة، قريب من صومعة راهب من الرهبان، فاطلع الراهب إلى ميسرة، فقال: من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ فقال له ميسرة: هذا رجل من قريش من أهل الحرم. فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي.

ثم باع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سلعته التي خرج بها، فاشترى ما أراد أن يشتري، ثم أقبل قافلا إلى مكة ومعه ميسرة، فكان ميسرة - فيما يزعمون - إذا كانت الهاجرة واشتد الحر يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو يسير على بعيره. فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به، فأضعف أو قريبًا. وحدثها ميسرة عن قول الراهب، وعما كان يرى من إظلال الملكين إياه.

وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة، مع ما أراد الله تعالى بها من كرامته، فلما أخبرها ميسرة عما أخبرها به، بعثت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت له فيما يزعمون: يا ابن عم! إني قد رغبت فيك، لقرابتك مني، وشرفك في قومك، ووسيطتك فيهم، وأمانتك عندهم، وحسن خلقك، وصدق حديثك، ثم عرضت عليه نفسها، وكانت خديجة يومئذ أوسط قريش نسبًا، وأعظمهم شرفًا، وأكثرهم مالًا، وكل قومها قد كان حريصًا على ذلك منها لو يقدر على ذلك.

وهي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب.

وأخرجه البيهقي في الدلائل (٢/ ٦٦ - ٦٧) عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق فذكره مرسلًا.

وكذلك لا يصح ما رواه ابن سعد في طبقاته (١/ ١٢٩) وأبو نعيم في الدلائل (١/ ٢١٨) كلاهما عن محمد بن عمر الواقدي قال: حدثنا موسى بن شيبة، عن عميرة بنت عبد الله بن كعب بن مالك، عن أم سعد بن الربيع، عن نفيسة بنت أمية أخت يعلى سمعتها تقول: لما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسًا وعشرين سنة، وليس له بمكة اسم إلا الأمين لما تكاملت فيه من خصال الخير، قال له أبو طالب: يا ابن أخي! أنا رجل لا مال لي، وقد اشتد الزمان علينا، والحّتْ علينا سنون منْكرة، ليس لنا مادة، ولا تجارة. وهذه عير قومك قد حضر خروجها إلى الشام. وخديجة بنت خويلد تبعث رجالًا من قومك في عيراتها فيتجرون لها، ويصيبون منافع، فلو جئتها فعرضت نفسك عليها لأسرعت إليك وفضّلتك على غيرك لما بلغها من طهارتك، وإني كنت لأكره أن تأتي الشام، وأخاف عليك من اليهود، ولكن لا نجد من ذلك بدًا - وكانت خديجة امرأة تاجرة ذات شرف ومال كثير وتجارة، وتبعت بها إلى الشام، فيكون عيرها كعامة عير قريش، وكانت تستأجر الرجل، وتدفع إليه المال مضاربة، وكانت قريش قومًا تجارًا، من لم يكن تاجرًا فليس عندهم بشيء - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فلعلها أن ترسل إلي في ذلك، قال أبو طالب إني أخاف أن تولي غيرك، فتطلب أمرًا مدبرًا، فافترقا، فبلغ خديجة ما كان من محاورة عمه له، وقبل ذلك ما قد بلغها من صدق حديثه، وعظم أمانته، وكرم أخلاقه فقالت: ما دريت أنه يريد هذا، ثم أرسلت إليه فقالت: إنه قد

<<  <  ج: ص:  >  >>