بعيرًا وفرس، ويزعم بعض الناس أنه للمقداد، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان بينه وبين عليّ ومرثد بن أبي مرثد الغنوي بعير، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نقب بني دينار من الحرة على العقيق، فذكر طرقه، حتَّى إذا كان بعرق الظبية لقي رجلًا من الأعراب، فسألوه عن الناس، فلم يجدوا عنه خبرًا، وكان أبو سفيان حين دنا من الحجاز يتحسس الأخبار، ويسأل عنها حتَّى أصاب خبرًا من بعض الركبان، فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاريّ، فبعثه إلى قريش يستنفرهم إلى أموالهم، ويخبرهم أن محمدًا قد عرض لها في أصحابه، فخرج ضمضم سريعًا حتَّى قدم على قريش بمكة، وقال: يا معشر قريش! اللطيمة قد عرض لها محمد في أصحابه - واللطيمة هي التجارة - الغوث! الغوث! وما أظن أن تدركوها، فقالت قريش: أيظن محمد وأصحابه أنها كائنة كعير ابن الحضرميّ، فخرجوا على الصعب والذلول، ولم يتخلف من أشرافها أحد إِلَّا أن أبا لهب قد تخلف، وبعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة، فخرجت قريش وهم تسعمائة وخمسون مقاتلا، ومعهم مائتا فرس يقودونها، وخرجوا معهم بالقيان يضربن الدف، ويتغنين بهجاء المسلمين.
حسن: رواه محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم الزهري وعاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر ويزيد بن رومان، عن عروة بن الزُّبير وغيرهم من علمائنا، عن ابن عباس، كل قد حَدَّثَنِي بعض هذا الحديث، فاجتمع حديثهم فيما سقت من حديث بدر. ابن هشام (١/ ٦٠٦ - ٦٠٧).
ورواه البيهقيّ في الدلائل (٣/ ٣١ - ٣٢) عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق بإسناده غير أنه لم يذكر ابن عباس في إسناده، واللّفظ له.
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق فإنه حسن الحديث إذا صرَّح.
وفي الباب ما رُوي عن أبي أيوب الأنصاري يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن بالمدينة:"إنِّي أخبرت عن عير أبي سفيان أنها مقبلة فهل لكم أن نخرج قِبل هذا العير؟ لعل الله يُغنمناها" فقلنا: نعم فخرج وخرجنا، فلمّا سرنا يومًا أو يومين قال لنا:"ما ترون في قتال القوم، فإنهم قد أخبِروا بمخرجكم؟ " فقلنا: والله، ما لنا طاقة بقتال العدو، ولكن أردنا العير ثمّ قال:"ما ترون في قتال القوم؟ " فقلنا: مثل ذلك. فقال المقداد بن عمرو: إذًا لا نقول لك يا رسول الله كما قال قوم موسى لموسى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}[المائدة: ٢٤]، قال: فتمنينا معشر الأنصار لو أنا قلنا كما قال المقداد أحب إلينا من أن يكون لنا مال عظيم، فأنزل الله عز وجل على رسوله: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (٥) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} [الأنفال: ٥، ٦]، ثمّ أنزل الله عز وجل: {أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا